تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا} (124)

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ ْ } دخل في ذلك سائر الأعمال القلبية والبدنية ، ودخل أيضا كل عامل من إنس أو جن ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى . ولهذا قال : { مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ْ } وهذا شرط لجميع الأعمال ، لا تكون صالحة ولا تقبل ولا يترتب عليها الثواب ولا يندفع بها العقاب إلا بالإيمان .

فالأعمال بدون الإيمان كأغصان شجرة قطع أصلها وكبناء بني على موج الماء ، فالإيمان هو الأصل والأساس والقاعدة التي يبنى عليه كل شيء ، وهذا القيد ينبغي التفطن له في كل عمل أطلق ، فإنه مقيد به .

{ فَأُولَئِكَ ْ } أي : الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح { يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ْ } المشتملة على ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين { وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ْ } أي : لا قليلا ولا كثيرا مما عملوه من الخير ، بل يجدونه كاملا موفرا ، مضاعفا أضعافا كثيرة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا} (124)

ثم بين - سبحانه - حسن عاقبة المؤمنين فقال : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات مِن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } .

أى : ومن يعمل من الأعمال الصالحات سواء أكان العامل ذكرا أم أمنثى ما دام متحليا بصفة الإِيمان ، فأولئك العاملون بالأعمال الصالحة يجخلون الجنة جزاء عملهم ؛ ولا ينقصون شيئا من ثواب أعمالهم ، ولو كان هذا الشئ نقيرا وهو النقطة التى تكون فى ظهر النواة ويضرب بها المثل فى القلة الحقارة .

و { مِنَ } فى قوله { مِنَ الصالحات } للتبعيض أى : بعض الأعمال الصالحات لأن الإِنسان لا يستطيع أن يعمل جميع الأعمال الصالحة ، وإنما كل إنسان يعمل على قدر طاقته وقدرته ولا يكلف نفسا إلا وسعها .

و { مِن } فى قوله { مِن ذَكَرٍ أَوْ أنثى } للبيان . أى بيان أن الأحكام الشرعية وما يترتب عليها من ثواب يشترك فيه الرجال والنساء إلا إذا قام دليل على أن أحد الصنفين مختص بحكم معين لا يشاركه فيه الصنف الآخر .

وفى ذلك إنصاف للمرأة من الظلم الذى كان واقعا عليها قبل شريعة الإِسلام العادلة .

والجملة الكريمة فى موضع نصب على الحال من ضمير { يَعْمَلْ } .

وقوله { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } قيد لإِخراج غير المؤمن لأن الكافر مهما قدم من أعمال صالحة فى الدنيا فإنها لن تنفعه فى الآخرة بسبب كفره بالدين الحق .

واسم الإِشارة وهو قوله { فأولئك } يعود إلى من فى قوله { وَمَن يَعْمَلْ } باعتبار معناها .

وقوله { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بيان لفضل الله - تعالى - وعدله ، وأنه - سبحانه - { لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا} (124)

وقوله : { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ [ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ]{[8389]} } لما ذكر الجزاء على السيئات ، وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا - وهو الأجود له - وإما في الآخرة - والعياذ بالله من ذلك ، ونسأله العافية في الدنيا والآخرة ، والصفح والعفو والمسامحة - شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده ذُكْرَانهم وإناثهم ، بشرط الإيمان ، وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير ، وهو : النقرة التي في ظهر نواة التمرة ، وقد تقدم الكلام على الفتيل ، وهو الخيط الذي في شق النواة ، وهذا النقير وهما في نواة التمرة ، وكذا القطمير وهو اللفافة التي على نواة التمرة ، الثلاثة في القرآن .


[8389]:زيادة من و، أ، وفي هـ "الآية".