الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا يُظۡلَمُونَ نَقِيرٗا} (124)

وقوله : { مَن يَعْمَلْ } جملة مستأنفة مؤكدةٌ لحكم الجملة قبلها . وقرأ الجمهور " ولا يَجِدْ " جزماً ، على عطفه على جواب الشرط ، وروي عن ابن عامر رفعُه ، وهو على القطع عن النسق . ثم يُحْتمل أن يكون مستأنفاً وأن يكونَ حالاً ، كذا قيل ، وفيه نظرٌ من حيث إنَّ المضارع المنفي ب " لا " لا يقترن بالواوِ إذا وقع حالاً .

قوله : { مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ } " من " الأولى للتبعيض لأنَّ المكلَّف لا يطيق عمل كل الصالحات . وقال الطبري : " هي زائدة عند قوم " وفيه ضعفٌ لعدمِ الشرطين . و " مِنْ " الثانية للمتبين . وأجاز أبو البقاء أن تكونَ حالاً ، وفي صاحبِها وجهان أحدُهما : أنه الضميرُ المرفوع ب " يعمل " ، والثاني : أنه الصالحات أي : الصالحات كائنةً من ذكر أو أنثى ، وقد تقدَّم إيضاح هذا في قوله : { لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } [ آل عمران : 195 ] والكلامُ على " أو " أيضاً " وقوله : " وهو مؤمن " جملة حالية من فاعل " يعمل " وقرأ أبو عمرو وابن كثير وأبو بكر عن عاصم : " يُدْخَلون " هنا وفي مريم وأول غافر بضم حرف المضارعة وفتح الخاء مبنياً للمفعول ، وانفردَ ابنُ كثير وأبو بكر بثانية غافر ، وأبو عمرو بالتي في فاطر والباقون بفتحِ حرفِ المضارعة وضَمِّ الخاء مبنياً للفاعل ، وذلك للتفنُّنِ في البلاغَةِ ، وقد يظهرُ فروقٌ لا يَسَعُها هذا الكتابُ .