( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا124 )
( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ) جملة حالية . و ( من ) الأولى زائدة عند الأخفش . وصفة عند سيبويه . أي : شيئا من الصالحات ( فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) أي : لا ينقص من حسناتهم قدر نقير . وهو النقرة التي على ظهر النواة . وهذا على سبيل المبالغة في نفي الظلم . ووعد بتوفية جزاء أعمالهم من غير نقصان . والراجع في ( ولا يظلمون ) لعمال السوء وعمال الصالحات جميعا . وجاز أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دليلا على ذكره عند الآخر . وقوله تعالى : ( من يعمل سوءا يجز به ) وقوله : ( ومن يعمل من الصالحات ) بعد ذكر تمني أهل الكتاب كقوله سبحانه : ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ) {[2311]} وقوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) عقيب قوله : ( وقالوا لن تمسنا النار الا أياما معدودة ) .
ما قدمناه من ان الخطاب في قوله تعالى : ( ليس بأمانيكم ) للمشركين وان قوله تعالى : ( من يعمل سوءا ) أي : من أهل الكتاب والمشركين – هو الذي يدل عليه سياق الآية ونظمها الكريم كما بينا . ورواه الطبري{[2312]} عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن . قال الأولان رضي الله عنهما : ( السوء ) ههنا هو الشرك . وقال الحسن : ( من يعمل سوءا ) هو الكافر . ثم قرأ : ( وهل نجازي الا الكفور ) .
ولما كان عموم هذا الخطاب روعة ، وأي روعة ، أشفق كثير من الصحابة لأجله . قال ابن كثير وقد روي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة . قال الامام احمد{[2313]} : حدثنا عبد الله بن نمير . حدثنا اسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير قال : " أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال : يا رسول الله ! كيف الفلاح بعد هذه الآية : ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ) فكل سوء عملناه جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك ، يا أبا بكر ! ألست تمرض ؟ ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ قال : بلى . قال : هو مما تجزون به " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " لما نزلت ( من يعمل سوءا يجز به ) شق ذلك على المسلمين . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : سددوا وقاربوا . فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة . حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها " . رواه سعيد بن منصور واحمد{[2314]} ومسلم {[2315]}والترمذي والنسائي .
وقال عطاء بن يسار عن أبي سعيد وأبي هريرة ، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن ، حتى الهم يهمه الا كفر الله عن سيئآته " . أخرجاه{[2316]} .
وروى ابن مردويه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " قيل : يا رسول الله ! من يعمل سوءا يجز به ؟ قال : نعم . ومن يعمل حسنة يجز بها عشرا . فهلك من غلب واحدته عشراته " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.