وقوله : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات } بعد ذكر تمني أهل الكتاب ، نحو من قوله : { بلى مَن كَسَبَ سَيّئَةً وأحاطت بِهِ خَطِيئَتُهُ } [ البقرة : 81 ] ، وقوله : { والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } عقيب قوله : { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] وإذا أبطل الله الأماني وأثبت أن الأمر كله معقود بالعمل ، وأن من أصلح عمله فهو الفائز . ومن أساء عمله فهو الهالك : تبين الأمر ووضح ، ووجب قطع الأماني وحسم المطامع ، والإقبال على العمل الصالح . ولكنه فصح لا تعيه الآذان ولا تلقى إليه الأذهان .
فإن قلت : ما الفرق بين ( من ) الأولى والثانية ؟ قلت : الأولى للتبعيض ، أراد ومن يعمل بعض الصالحات ؛ لأنّ كلا لا يتمكن من عمل كل الصالحات لاختلاف الأحوال ، وإنما يعمل منها ما هو تكليفه وفي وسعه . وكم من مكلف لا حج عليه ولا جهاد ولا زكاة ، وتسقط عنه الصلاة في بعض الأحوال . والثانية لتبيين الإبهام في { وَمَنْ يَعْمَلْ }
فإن قلت : كيف خص الصالحون بأنهم لا يظلمون وغيرهم مثلهم في ذلك ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون الراجع في ( ولا يظلمون ) لعمال السوء وعمال الصالحات جميعاً . والثاني أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دالاً على ذكره عند الآخر ، لأن كلا الفريقين مجزيون بأعمالهم لا تفاوت بينهم ، ولأن ظلم المسيء أن يزاد في عقابه ، وأرحم الراحمين معلوم أنه لا يزيد في عقاب المجرم ، فكان ذكره مستغنى عنه وأما المحسن فله ثواب وتوابع للثواب من فضل الله هي في حكم الثواب ، فجاز أن ينقص من الفضل لأنه ليس بواجب . فكان نفي الظلم دلالة على أنه لا يقع نقصان في الفضل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.