تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

أي : { وَاذْكُرْ } في هذا الكتاب ذي الذكر { عَبْدَنَا أَيُّوبَ } بأحسن الذكر ، وأثن عليه بأحسن الثناء ، حين أصابه الضر ، فصبر على ضره ، فلم يشتك لغير ربه ، ولا لجأ إلا إليه .

ف { نَادَى رَبَّهُ } داعيا ، وإليه لا إلى غيره شاكيا ، فقال : رب { أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي : بأمر مشق متعب معذب ، وكان سلط على جسده فنفخ فيه حتى تقرح ، ثم تقيح بعد ذلك واشتد به الأمر ، وكذلك هلك أهله وماله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أيوب - عليه السلام - فذكرت نداءه لربه ، واستجابة الله - تعالى - له وما وهبه من نعم جزاء صبره ، فقال - تعالى - : { واذكر عَبْدَنَآ أَيُّوبَ . . . } .

قال الإِمام الرازى : اعلم أن قصة أيوب هى القصة الثالثة من القصص المذكورة فى هذه السورة ، واعلم أن داود وسيمان كانا ممن أفاض الله عليه أصناف الآلاء والنعماء ، وأيوب كان ممن خصه الله بأنواع البلاء ، والمقصود من جميع هذه القصص الاعتبار .

فكأن الله - تعالى - يقول لنبيه صلى الله لعيه وسلم : اصبر على سفاهة قومك ، فإنه ما كان فى الدنيا أكثر نعمة ومالا من داود وسليمان ، وما كان أكثر بلاء ومحنة من أيوب ، فتأمل فى أحوال هؤلاء لتعرف أن أحوال الدنيا لا تنتظم لأحد ، وأن العاقل لابد له من الصبر على المكاره . .

وأيوب - عليه السلام - هو ابن أموص بن برزاح ، وينتهى نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم - عليهما السلام - وكانت بعثته على الراجح بين موسى ويوسف - عليهما السلام - . وكان صاحب أموال كثيرة ، وله أولاد . . فابتلى فى ماله وولده وجسده ، وصبر على كل ذلك صبرا جميلا . فكافأه الله - تعالى - على صبره ، بأن أجاب دعاءه ، وآتاه أهله ومثلهم معهم . .

وقوله - سبحانه - : { واذكر عَبْدَنَآ أَيُّوبَ . . } معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلك : { واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ . . . } و " النًّصْب " - بضم فسكون - وقرأ حفص ونافع - بضم النون والصاد : - التعب والمشقة مأخوذ من قولهم أنصبنى الأمر ، إذا شق عليه وأتعبه . والعذاب : الآلام الشديدة التى يحس بها الإِنسان فى بدنه . أى : واذكر - أيها الرسول الكريم - حال أخيك أيوب - عليه السلام - حين دعا ربه - تعالى - فقال : يا رب أنت تعلم أنى مسنى الشيطان بالهموم الشديد ، وبالآلام المبرحة التى حلت بجسدى فجعلتنى فى نهاية التعب والمرض .

وجمع - سبحانه - فى بيان ما أصابه بين لفظى النصب والعذاب ، للإِشارة إلى أنه قد أصيب بنوعين من المكروه : الغم الشديد بسبب زوال الخيرات التى كانت يديه ، وهو ما يشير إليه لفظ { النصب } والألم الكثير الذى حل بجسده بسبب الأمراض والأسقام ، والعلل ، وهو ما يشيير إليه لفظ { العذاب } .

ونسب ما مسه من نصب وعذاب إلى الشيطان تأدبا منه مع ربه - عز وجل - حيث أبى أن ينسب الشر إليه - سبحانه - ، وإن كان الكل من خلق الله - تعالى - .

وفى هذا النداء من أيوب لربه ، أسمى ألوان الأدب والإِجلال ، إذا اكتفى فى تضرعه بشرح حاله دون أن يزيد على ذلك ، ودون أن يقترح على خالقه - عز وجل - شيئا معينا ، أو يطلب شيئا معينا .

قال صاحب الكشاف : ألطف أيوب - عليه السلام - فى السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة .

. ولم يصرح بالمطلوب .

ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت له : يا أمير المؤمنين ، مشت جرذان - أى فئران - بيتى على العصا ! ! فقال لها : ألطفت فى السؤال ، لا جرم لأجعلنها تثب وثب الفهود ، وملأ بيتها حبا .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى سورة الأنبياء : { وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضر وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين } وقد ذكر بعض المفسرين هنا قصصا وأقوالا فى غاية السقوط والفساد ، حيث ذكروا أن أيوب - عليه السلام - مرض زمنا طويلا ، وأن الديدان تناثرت من جسده ، وأن لحمه قد تمزق .

وهذه كلها أقوال باطلة ، لأن الله - تعالى - عصم أنبياءه من الأمراض المنفرة ، التى تؤدى إلى ابتعاد الناس عنهم ، سواء أكانت أمراضا جسدية أم عصبية أم نفسية . .

والذى يجب اعتقاده أن الله - تعالى - قد ابتلى عبده أيوب ببعض الأمراض التى لا تتنافى مع منصب النبوة ، وقد صبر أيوب على ذلك حتى ضرب به المثل فى الصبر ، فكانت عاقبة صبره أن رفع الله - تعالى - عنه الضر والبلاء ، وأعطاه من فضله الكثير من نعمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

17

ثم نمضي مع قصة الابتلاء والصبر ، والإنعام بعد ذلك والإفضال . نمضي في السياق مع قصة أيوب :

( واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب . اركض برجلك . هذا مغتسل بارد وشراب . ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب . وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث ، إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب ) . .

وقصة ابتلاء أيوب وصبره ذائعة مشهورة ؛ وهي تضرب مثلاً للابتلاء والصبر . ولكنها مشوبة بإسرائيليات تطغى عليها . والحد المأمون في هذه القصة هو أن أيوب - عليه السلام - كان كما جاء في القرآن عبداً صالحاً أوّاباً ؛ وقد ابتلاه الله فصبر صبراً جميلاً ، ويبدو أن ابتلاءه كان بذهاب المال والأهل والصحة جميعاً ولكنه ظل على صلته بربه ، وثقته به ، ورضاه بما قسم له .

وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له - ومنهم زوجته - بأن الله لو كان يحب أيوب ما ابتلاه . وكانوا يحدثونه بهذا فيؤذيه في نفسه أشد مما يؤذيه الضر والبلاء . فلما حدثته امرأته ببعض هذه الوسوسة حلف لئن شفاه الله ليضربنها عدداً عينه - قيل مائة .

وعندئذ توجه إلى ربه بالشكوى مما يلقى من إيذاء الشيطان ، ومداخله إلى نفوس خلصائه ، ووقع هذا الإيذاء في نفسه :

( أني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) . .

فلما عرف ربه منه صدقه وصبره ، ونفوره من محاولات الشيطان ، وتأذيه بها ، أدركه برحمته . وأنهى ابتلاءه ، ورد عليه عافيته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الشّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَاذْكُرْ أيضا يا محمد عَبْدَنا أيّوبَ إذْ نادَى رَبّهُ مستغيثا به فيما نزل به من البلاء : يا ربّ إنّي مَسّنِيَ الشّيْطانُ بِنُصْبٍ فاختلفت القرّاء في قراءة قوله : بنُصْبٍ فقرأته عامة قرّاء الأمصار خلا أبي جعفر القارىء : بِنُصْبٍ بضم النون وسكون الصاد ، وقرأ ذلك أبو جعفر : بضم النون والصاد كليهما ، وقد حُكي عنه بفتح النون والصاد والنّصْب والنّصَب بمنزلة الحُزْن والحَزَن ، والعُدم والعَدَم ، والرّشْد والرّشَد ، والصّلْب والصّلَب . وكان الفرّاء يقول : إذا ضُمّ أوّله لم يثقل ، لأنهم جعلوهما على سِمَتين : إذا فتحوا أوّله ثقّلوا ، وإذا ضموا أوّله خفّفوا . قال : وأنشدني بعض العرب :

لَئِنْ بَعَثَتْ أُمّ الحُمَيْدَيْنِ مائِرا *** لَقَدْ غَنَيَتْ في غَيرِ بُؤْسٍ ولا جُحدِ

من قولهم : جَحِد عيشه : إذا ضاق واشتدّ قال : فلما قال جُحْد خَفّف . وقال بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين : النّصُب من العذاب . وقال : العرب تقول : أنصبني : عذّبني وبرّح بي . قال : وبعضهم يقول : نَصَبَني ، واستشهد لقيله ذلك بقول بشر بن أبي خازم :

تَعَنّاكَ نَصْبٌ مِن أُمَيْمَةَ مُنْصِبُ *** كَذِي الشّجْوِ لَمّا يَسْلُه وسيَذْهَبُ

وقال : يعني بالنّصْب : البلاء والشرّ ومنه قول نابغة بني ذُبيان :

كِلِينِي لِهَمّ يا أمَيْمَةَ ناصِبِ *** وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطِيءِ الكَوَاكِبِ

قال : والنّصَب إذا فُتحت وحُرّكت حروفها كانت من الإعياء . والنّصْب إذا فُتح أوله وسكن ثانيه : واحد أنصاب الحرم ، وكلّ ما نصب علما وكأن معنى النّصب في هذا الموضع : العلة التي نالته في جسده والعناء الذي لاقى فيه ، والعذاب في ذهاب ماله .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وذلك الضمّ في النون والسكون في الصاد .

وأما التأويل فبنحو الذي قلنا فيه قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيّوبَ حتى بلغ : بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) : ذهاب المال والأهل ، والضرّ الذي أصابه في جسده ، قال : ابتُلِي سبع سنين وأشهرا مُلقى على كُناسة لبني إسرائيل تختلف الدوابّ في جسده ، ففرّج الله عنه ، وعظّم له الأجر ، وأحسن عليه الثناء .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : مَسّنِيَ الشّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ قال : نصب في جسدي ، وعذاب في مالي .

حُدثت عن المحاربيّ ، عن جُوَيبر ، عن الضحاك : ( أنّي مَسّنِيَ الشّيْطانُ بنُصْبٍ ) يعني : البلاء في الجسد وَعَذابٍ قوله : ( وَما أصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ )

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ أَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِنُصۡبٖ وَعَذَابٍ} (41)

هذا مَثَل ثانٍ ذُكّر به النبي صلى الله عليه وسلم إسوة به في الصبر على أذى قومه والالتجاء إلى الله في كشف الضر ، وهو معطوف على { واذكر عبدنا داود ذا الأيد } [ ص : 17 ] ولكونه مقصوداً بالمَثل أعيد معه فعل { اذْكُر } كما نبهنا عليه في قوله : { واذكر عبدنا داود } [ ص : 17 ] ، وقد تقدم الكلام على نظير صدر هذه الآية في سورة الأنبياء . وترجمة أيوب عليه السلام تقدمت في سورة الأنعام .

وإذ كانت تعدية فعل { اذكر } إلى اسم أيوب على تقدير مضاف لأن المقصود تذكّر الحالة الخاصة به كان قوله : { إذ نادى ربّه } بدل اشتمال من أيوب لأن زمن ندائه ربَّه مما تشتمل عليه أحوال أيّوب . وخص هذا الحال بالذكر من بين أحواله لأنه مظهر توكّله على الله واستجابة الله دعاءه بكشف الضر عنه .

والنداء : نداء دُعاء لأن الدعاء يفتتح ب : يا رب ، ونحوه .

و { أنِّي مسَّنِي الشيطانُ } متعلق ب { نادى } بحذف الباء المحذوفة مع ( أن ) ، أي نادى : بأنّي مسني الشيطان ، وهو في الأصل جملة مبيّنة لجملة { نادى ربَّهُ } ولولا وجود ( أن ) المفتوحة التي تصيِّر الجملة في موقع المفرد لكانت جملة مبينة لجملة { نادى } ، ولما احتاجت إلى تقدير حرف الجر ليتعدّى إليها فعل { نادى } وخاصة حيث خَلَت الجملة من حرف نداء . فقولهم : إنها مجرورة بباء مقدرة جرى على اعتبارات الإِعراب تفرقة بين موقع ( أنَّ ) المفتوحة وموقع ( إنَّ ) المكسورة ولهذا الفرق بين الفتححِ والكسرِ اطّرد وجهَا فتححِ الهمزة وكسرِها في نحو « خيرُ القَول أني أحمد » .

وقد ذكرنا في قوله تعالى : { فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين في سورة } [ الأنفال : 9 ] رأينا في كون ( أن ) المفتوحة الهمزة المشددة النون مركبة من ( أَنْ ) التفسيرية ( وأنَّ ) الناسخة . والخبر مستعمل في الدعاء والشكاية ، كقوله : { رب إني وضعتها أنثى } [ آل عمران : 36 ] ، وقد قال في آية سورة [ الأنبياء : 83 ] { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } والنُصْب ، بضم النون وسكون الصاد : المشقة والتعب ، وهي لغة في نَصَب بفتحتين ، وتقدم النَصَب في سورة الكهف . وقرأ أبو جعفر { بِنُصُبٍ } بضم الصاد وهو ضم إتباع لضمّ النون .

والعذاب : الألم . والمراد به المرض يعني : أصابني الشيطان بتعَب وألم . وذلك من ضرّ حل بجسده وحاجة أصابته في ماله كما في الآية الأخرى { أني مسني الضر } [ الأنبياء : 83 ] .

وظاهر إسناد المسّ بالنُّصب والعذاب إلى الشيطان أن الشيطان مسّ أيوب بهما ، أي أصابه بهما حقيقة مع أن النصب والعذاب هما الماسان أيوب ، ففي سورةَ [ الأنبياء : 83 ] { أني مسني الضر } فأسند المسّ إلى الضر ، والضرّ هو النصب والعذاب . وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب والعذاب إلى الشيطان ، فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن وليس النُّصب والعذاب من الوسوسة ولا من آثارها .

وتأولوا ذلك على أقوال تتجاوز العشرة وفي أكثرها سماجة وكلها مبني على حملهم الباء في قوله : { بِنُصبٍ } على أنها باء التعدية لتعدية فعل { مَسَّنِي } ، أو باء الآلة مثل : ضربه بالعصا ، أو يؤول النُّصب والعذاب إلى معنى المفعول الثاني من باب أعطى .

والوجه عندي : أن تحمل الباء على معنى السببية بجعل النُّصْب والعذاب مسببين لمسّ الشيطان إياه ، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب ، فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك . أو تحمل البَاء على المصاحبة ، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب ، ففي قول أيوب { أني مسَّني الشيطانُ بنُصبٍ وعذابٍ } كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه فطلب العصمة من ذلك على نحو قول يوسف عليه السّلام : { وإلاَّ تصرف عنّي كيدَهن أَصْبُ إليهن وأكنْ من الجاهلين } [ يوسف : 33 ] .

وتنوين « نصب وعذاب » للتعظيم أو للنوعية ، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله .