تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (99)

وليس الأعراب كلهم مذمومين ، بل منهم { مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } فيسلم بذلك من الكفر والنفاق ويعمل بمقتضى الإيمان .

{ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ } أي : يحتسب نفقته ، ويقصد بها وجه اللّه تعالى والقرب منه  و  يجعلها وسيلة ل { صَلَوَاتِ الرَّسُولِ ْ } أي : دعائه لهم ، وتبريكه عليهم ، قال تعالى مبينا لنفع صلوات الرسول : { أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ } تقربهم إلى اللّه ، وتنمي أموالهم وتحل فيها البركة .

{ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } في جملة عباده الصالحين إنه غفور رحيم ، فيغفر السيئات العظيمة لمن تاب إليه ، ويعم عباده برحمته ، التي وسعت كل شيء ، ويخص عباده المؤمنين برحمة يوفقهم فيها إلى الخيرات ، ويحميهم فيها من المخالفات ، ويجزل لهم فيها أنواع المثوبات .

وفي هذه الآية دليل على أن الأعراب كأهل الحاضرة ، منهم الممدوح ومنهم المذموم ، فلم يذمهم اللّه على مجرد تعربهم وباديتهم ، إنما ذمهم على ترك أوامر اللّه ، وأنهم في مظنة ذلك .

ومنها : أن الكفر والنفاق يزيد وينقص ويغلظ ويخف بحسب الأحوال .

ومنها : فضيلة العلم ، وأن فاقده أقرب إلى الشر ممن يعرفه ، لأن اللّه ذم الأعراب ، وأخبر أنهم أشد كفرا ونفاقا ، وذكر السبب الموجب لذلك ، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله .

ومنها : أن العلم النافع الذي هو أنفع العلوم ، معرفة حدود ما أنزل اللّه على رسوله ، من أصول الدين وفروعه ، كمعرفة حدود الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، والتقوى ، والفلاح ، والطاعة ، والبر ، والصلة ، والإحسان ، والكفر ، والنفاق ، والفسوق ، والعصيان ، والزنا ، والخمر ، والربا ، ونحو ذلك . فإن في معرفتها يتمكن من فعلها -إن كانت مأمور بها ، أو تركها إن كانت محظورة- ومن الأمر بها أو النهي عنها .

ومنها : أنه ينبغي للمؤمن أن يؤدي ما عليه من الحقوق ، منشرح الصدر ، مطمئن النفس ، ويحرص أن تكون مغنما ، ولا تكون مغرما .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (99)

وبعد أن ذكر - سبحانه - حال هؤلاء الأعراب المنافقين ، أتبعه ببيان حال المؤمنين الصادقين منهم فقال : { وَمِنَ الأعراب مَن يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر } .

أى : ومن الأعراب قوم آخرون من صفاتهم أنهم يؤمنون بالله إيمانا صادقا ، ويؤمنون باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب .

وقوله : { وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ الله وَصَلَوَاتِ الرسول } مدح لهم على إخلاصهم وسخائهم وطاعتهم . .

والقربات : جمع قربة وهى ما يتقرب به الإِنسان إلى خالقه من أعمال الخير ، والمراد بصلوات الرسول : دعواته للمتقربين إلى الله بالطاعة .

أى : ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا حقا ، ويعتبر كل ما ينفقه في سبيل الله وسيلة للتقرب إليه - سبحانه - وتعالى بالطاعة ، ووسيلة للحصلو على دعوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - له بالرحمة والمغفرة ، وبحسنات الدنيا والآخرة .

ولقد كان من عادة النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ، فقد ورد في الحديث الشريف " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لآل أبى أوفى عندما تقدموا إليه بصدقاتهم فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفى " أي : ارحمهم وبارك لهم في أموالهم . .

وقوله : { ألا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } شهادة لهم منه سبحانه - بصدق إيمانهم ، وخلوص نياتتهم ، وقبول صدقاتهم .

والضمير في قوله { إِنَّهَا } يعود على النفقة التي أنفقوها في سبيل الله { ألا } أداة استفتاح جيء بها لتأكيد الخبر والاهتمام به . أي : ألا إن هذه النفقات التي تقربوا بها إلى الله ، مقبولة عنده - سبحانه - قبولا مؤكدا ، وسيجازيهم عليها بما يستحقون من أجر جزيل . . .

وقوله { سَيُدْخِلُهُمُ الله فِي رَحْمَتِهِ } وَعْدٌ لهم بإحاطة رحمته بهم . والسين للتحقيق والتأكيد .

أى : أن هؤلاء المؤمنين بالله واليوم الآخر ، والمتقربين إليه سبحانه بالطاعات ، سيغمرهم الله تعالى برحمته التي لا شقاء معها .

قال صاحب الكشاف : وقوله : { ألا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ الله فِي رَحْمَتِهِ } شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات ، وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف مع حرفي التنبيه والتحقيق المؤذنتين بثبات الأمر وتمكنه ، وكذلك قوله : { سَيُدْخِلُهُمُ } وما في السين من تحقيق الوعد . وما أدل هذا الكلام على رضا الله تعالى عن المتصدقين ، وأن الصدقة منه مكان ، إذا خلصت النية من صاحبها .

وقوله : { إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } تذييل مقرر لما قبله على سبيل التعليل ، أى : إن الله تعالى - واسع المغفرة ، كثير الرحمة للمخلصين الذين يجتنبون كبائر الإِثم والفواحش إلا للمم .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت من يستحق الذم من الأعراب ومدحت من يستحق المدح منهم ، وبينت مصير كل فريق ليكون عبرة للمعتبرين وذكرى للمتذكرين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (99)

97

وهناك الفريق الآخر ممن خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان :

( ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر ، ويتخذ ما ينفق قربات عند اللّه وصلوات الرسول . ألا إنها قربة لهم . سيدخلهم اللّه في رحمته . إن اللّه غفور رحيم )

فهو الإيمان باللّه واليوم الآخر باعث الإنفاق عند هذا الفريق ، لا الخوف من الناس ، ولا الملق للغالبين ، ولا حساب الربح والخسارة في دنيا الناس !

وهذا الفريق المؤمن باللّه واليوم الآخر يبتغي بما ينفق أن يكون قربى من اللّه ؛ ويتطلب صلوات الرسول . . أي دعواته . . الدالة على رضاه [ ص ] ، المقبولة عند اللّه ، وهو يدعو بها للمؤمنين باللّه واليوم الآخر ، المنفقين ابتغاء القربى من اللّه ورضاه .

لذلك يبادر السياق فيقرر لهم أنها قربى مقبولة عند اللّه :

( ألا إنها قربة لهم ) .

ويبشرهم بحسن العاقبة وعداً من اللّه حقاً :

( سيدخلهم اللّه في رحمته ) . .

ويجسم الرحمة كأنها دار يدخلونها فتحتويهم ؛ وذلك في مقابل تجسيم ( دائرة السوء )على الفريق الاخر ، الذي يتخذ ما ينفق مغرماً ، ويتربص بالمؤمنين الدوائر .

( إن اللّه غفور رحيم ) .

يقبل التوبة ، ويتقبل النفقة ، ويغفر ما كان من ذنب ، ويرحم من يبتغون الرحمة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (99)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنَ الأعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَتّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرّسُولِ أَلآ إِنّهَا قُرْبَةٌ لّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : ومن الأعراب من يصدق الله ويقرّ بوحدانيته وبالبعث بعد الموت والثواب والعقاب ، وينوي بما ينفق من نفقة في جهاد المشركين وفي سفره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ القربات : جمع قُرْبة ، وهو ما قربه من رضا الله ومحبته . وَصَلوَاتِ الرّسُولِ ، يعني بذلك : ويبتغي بنفقة ما ينفق مع طلب قربته من الله دعاء الرسول واستغفاره له .

وقد دللنا فيما مضى من كتابنا على أن من معاني الصلاة الدعاء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَصَلوَاتِ الرّسُولِ يعني استغفار النبيّ عليه الصلاة والسلام .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ومِنَ الأعْرَابِ مَنْ يَتّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرّسُولِ قال : دعاء الرسول ، قال : هذه ثنية الله من الأعراب .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ باللّهِ واليَوْمِ الاَخِرِ قال : هم بنو مقرن من مزينة ، وهم الذين قال الله فيهم : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أجِدُ ما أحْمِلُكُمْ علَيْهِ تَوَلّوْا وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْع حَزَنا قال : هم بنو مُقَرن من مزينة .

قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قوله : الأعْرَابُ أشَدّ كُفْرا وَنِفاقا ثم استثنى فقال : وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ . . . الآية .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا جعفر ، عن البختري بن المختار العبدي ، قال : سمعت عبد الله بن مُغَفّل قال : كنا عشرة ولد مُقَرّن ، فنزلت فينا : وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ باللّهِ واليَوْمِ الاَخِرِ . . . إلى آخر الآية .

قال الله : أَلاَ إنهَا قُرْبةٌ لَهُمْ ، يقول تعالى ذكره : ألا إن صلوات الرسول قربة لهم من الله ، وقد يحتمل أن يكون معناه : ألا إن نفقته التي ينفقها كذلك قربة لهم عند الله . سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ في رحْمَتِهِ يقول : سيدخلهم الله فيمن رحمه فأدخله برحمته الجنة ، إن الله غفور لما اجترموا ، رحيم بهم مع توبتهم وإصلاحهم أن يعذبهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (99)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر}، يعني يصدق بالله أنه واحد لا شريك له، {واليوم الآخر}، يعني يصدق بالتوحيد وبالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، {ويتخذ ما ينفق} في سبيل الله {قربات عند الله وصلوات الرسول}، يعني واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم، ويتخذ النفقة والاستغفار قربات، يعني زلفى عند الله... يقول: {ألا إنها قربة لهم} عند الله، ثم أخبر بثوابهم، فقال: {سيدخلهم الله في رحمته} يعني جنته، {إن الله غفور} لذنوبهم {رحيم} بهم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ومن الأعراب من يصدق الله ويقرّ بوحدانيته وبالبعث بعد الموت والثواب والعقاب، وينوي بما ينفق من نفقة في جهاد المشركين وفي سفره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "قُرُباتٍ عِنْدَ اللّهِ"، القربات: جمع قُرْبة، وهو ما قربه من رضا الله ومحبته. "وَصَلوَاتِ الرّسُولِ"، يعني بذلك: ويبتغي بنفقة ما ينفق -مع طلب قربته من الله- دعاء الرسول واستغفاره له.

وقد دللنا فيما مضى من كتابنا على أن من معاني الصلاة الدعاء بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع...

"سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ في رحْمَتِهِ "يقول: سيدخلهم الله فيمن رحمه فأدخله برحمته الجنة، "إن الله غفور" لما اجترموا، "رحيم" بهم مع توبتهم وإصلاحهم أن يعذبهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ذكر في الآية أن (وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ليعلم أن قوله (الأعراب أشد كفرا ونفاقا) [التوبة: 97] كان في طائفة مشار إليها لا كل الأعراب، لأنه ذكر ههنا أن منهم من ينفق (ويتخذ ما ينفق قربات عند الله) وذكر في الآية الأولى أن منهم (من يتخذ ما ينفق مغرما) [التوبة: 98] أي لا يراه حقا واجبا، ولكن غرما يلحقه، ومنهم من يرى ذلك حقا لله واجبا في أموالهم، فيجعلون ذلك قربة لهم عند الله...

وقوله تعالى: (وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ)...

وقال بعضهم: جعلوا ما أنفقوا وصلوات الرسول قربات عند الله، ويكون لهم ما أنفقوا قربة عند الله وصلوات الرسول طمأنينة وبراءة من النفاق لأن الرسول كان لا يدعو لأهل الكفر والنفاق، فإذا دعا لهؤلاء وصلى عليهم كان ذلك طمأنينة لقلوبهم وعلما لهم بالبراءة من النفاق.

وعلى ذلك يخرج قوله: (إن صلواتك سكن لهم) [التوبة: 103] أي تسكن قلوبهم بصلاة الرسول، وتطمئن بأنهم ليسوا من أهل النفاق وأنهم بُرآء من ذلك، والله أعلم.

ذكر هذا مقابل ما ذكر في الآية الأولى، وهو قوله: (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ) أخبر -هاهنا- أن ما يتربصون هم بهم من الدوائر عليهم ذلك، وهاهنا أخبر أن ما ينفق المؤمنون ويطلبون بذلك قربة عند اللَّه أنها قربة لهم.

ثم وعدهم الجنة بقوله: (سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ)، أي: جنته، سمى جنته رحمة؛ لما برحمته يدخلون، لا استيجابًا لهم منه بذلك، بل رحمة منه وفضلًا.

(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ): لما كان منهم من المساوئ والشرك إذا تابوا وآمنوا، (رَحِيمٌ): حيث لم يؤاخذهم بذلك.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

... والقربة هي طلب الثواب والكرامة من الله تعالى بحسن الطاعة...

" سيدخلهم الله في رحمته "وعد منه لهم بأن يرحمهم ويدخلهم فيها، وفيه مبالغة، فان الرحمة وسعتهم وغمرتهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والمعنى: أنّ ما ينفقه سبب لحصول القربات عند الله {وصلوات الرسول} لأنّ الرسول كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم، كقوله:"اللَّهم صلّ على آل أبي أوفى" وقال تعالى: {وَصَلّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] فلما كان ما ينفق سبباً لذلك قيل: يتخذ ما ينفق قربات وصلوات {ألا إِنَّهَا} شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف، مع حرفي التنبيه والتحقيق المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه، وكذلك {سَيُدْخِلُهُمُ} وما في السين من تحقيق الوعد، وما أدلّ هذا الكلام على رضا الله تعالى عن المتصدقين، وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى وصف هذا الفريق بوصفين:

فالأول: كونه مؤمنا بالله واليوم الآخر، والمقصود التنبيه على أنه لا بد في جميع الطاعات من تقدم الإيمان، وفي الجهاد أيضا كذلك.

والثاني: كونه بحيث يتخذ ما ينفقه قربات عند الله وصلوات الرسول...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

لما ذكر تعالى من يتخذ ما ينفق مغرماً ذكر مقابله وهو من يتخذ ما ينفق مغنماً، وذكر هنا الأصل الذي يترتب عليه إنفاق المال في القربات وهو الإيمان بالله واليوم الآخر، إذ جزاء ما ينفق إنما يظهر ثوابه الدائم في الآخرة. وفي قصة أولئك اكتفى بذكر نتيجة الكفر وعدم الإيمان، وهو اتخاذه ما ينفق مغرماً وتربصه بالمؤمنين الدوائر. والأجود تعميم القربات من جهاد وصدقة..

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{وَمِنَ الأعراب} أي من جنسهم على الإطلاق {مَن يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخر وَيَتَّخِذُ} أي يأخذ لنفسه على وجه الاصطفاءِ والادخارِ...

{قربات} أي ذرائعَ إليها وللإيذان بما بينهما من كمال الاختصاصِ جُعل كأنه نفسُ القرُبات، والجمعُ باعتبار أنواعِ القرُباتِ أو أفرادِها...

والتعرُّضُ لوصف الإيمان بالله واليوم الآخر في الفريق الأخيرِ مع أن مساقَ الكلامِ لبيان الفرقِ بين الفريقين في شأن اتخاذِ ما ينفقانه حالاً ومآلاً وأن ذكرَ اتخاذِه ذريعةً إلى القربات والصلوات مغنٍ عن التصريح بذلك لكمال العنايةِ بإيمانهم وبيانِ اتصافِهم به وزيادةِ الاعتناءِ بتحقيق الفرق بين الفرقين من أول الأمرِ، وأما الفريقُ الأولُ فاتصافُهم بالكفر والنفاقِ معلومٌ من سياق النظم الكريمِ صريحاً...

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

{أَلا إِنَّهَا قُرْبَة لهُمْ}...أخبر سبحانه بقبولها خبراً مؤكداً بإسمية الجملة، وحرفي التنبيه والتحقيق، وفي هذا من التطييب لخواطرهم، والتطمين لقلوبهم ما لا يقادر قدره، مع ما يتضمنه من النعي على من يتخذ ما ينفق مغرماً، والتوبيخ له بأبلغ وجه...

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

ولما ذكر حال هؤلاء الأعراب المنافقين، عطف عليه بيان حال المؤمنين الصادقين منهم فقال: {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر} إيمانا صادقا إذعانيا تصدر عنه آثاره من العمل الصالح... والنص يشمل جميع المؤمنين الصادقين منهم ومن غيرهم من الأعراب، وقد ذكر من وصفهم ضد ما ذكره في وصف من قبلهم في أمر النفقة في سبيل الله فقال: {ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول} أي يتخذ ما ينفقه وسيلة لأمرين عظيمين: أولها القربات والزلفى عند الله عز وجل، وثانيهما صلوات الرسول، أي أدعيته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو للمتصدقين ويستغفر لهم، ولم يثبت في النص انتفاع أحد بعمل غيره إلا الدعاء وما يكون المرء سببا فيه كالولد الصالح، والسنة الحسنة يتبع فيها، فهذا القصد في اتخاذ الصدقات ضد اتخاذ المنافقين إياها مغرما.

والقربات كالقرب جمع قربة (بضم القاف) وهي في المنزلة والمكانة كالقرب في المكان والقرابة، والقربى في الرحم، والأصل في الكل واحد وهو الدنو من الشيء مطلقا، فقصد القربة في العمل هو الإخلاص وابتغاء مرضاة الله ورحمته ومثوبته فيه، وجمعها باعتبار تعدد النفقات ففيه إيماء إلى إخلاصهم في كل فرد منها. والصلوات جمع صلاة، ومعناها أو أحد معانيها في أصل اللغة الدعاء، وإطلاقها على العبادة المخصوصة من أركان الإسلام شرعي وجهه أن الدعاء هو روحها الأعظم لأنه مخ العبادة، وسرها الذي تتحقق به العبودية على أكمل وجوهها، وهو في الفاتحة فريضة، وفي السجود فضيلة، ويأتي قريبا بيان هذه الصلوات على المتصدقين في تفسير الآية (103).

وقد بين الله تعالى جزاء هؤلاء الأعراب على ما شهد لهم به من صدق الإيمان وإخلاص النية في الإنفاق في سبيل الله، وأدائهم به حق الله، وهو قصد القربة عنده، وحق الرسول وهو طلب دعائه لهم بقبول نفقتهم وإثابتهم عليها، فقال بأسلوب الاستئناف المشعر بالاهتمام: {ألا إنها قربة لهم} وهو إخبار بقبوله تعالى لنفقتهم مؤكد بافتتاحه بأداة التنبيه الدالة على الاهتمام بما بعدها وهي (ألا) وب [إن] الدالة على تحقيق مضمون الجملة وبالجملة الاسمية فقوله تعالى: [إنها قربة] راجع إلى النفقة المأخوذة من قوله: [ما ينفق] فإفراد القربة لأنها خبر الضمير المفرد.

وقوله: {سيدخلهم الله في رحمته} تفسير لهذه القربة والمراد بالرحمة هنا الرحمة الخاصة بمن رضي الله عنهم، وهي هداية الصراط المستقيم وما تنهي إليه من دار النعيم، ومعنى إدخالهم فيها أن يكونوا مغمورين فيها وتكون هي محيطة بهم شاملة لهم، وهذا أبلغ من مثل {يبشرهم ربهم برحمة منه} [التوبة: 21]، والسين في قوله [سيدخلهم) لتأكيد الوعد وتحقيقه... وعلله بقوله: {إن الله غفور رحيم} أي واسع المغفرة والرحمة يغفر للمخلصين في أعمالهم ما يلمون به من ذنب أو تقصير، ويرحم الصادقين في إيمانهم فيهديهم به إلى أحسن العمل وخير المصير، وفي الآية من بلاغة الإيجاز ما يدل على علو مقام هؤلاء الأعراب.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ} تقربهم إلى اللّه، وتنمي أموالهم وتحل فيها البركة.

وفي هذه الآية دليل على أن الأعراب كأهل الحاضرة، منهم الممدوح ومنهم المذموم، فلم يذمهم اللّه على مجرد تعربهم وباديتهم، إنما ذمهم على ترك أوامر اللّه، وأنهم في مظنة ذلك.

ومنها: أن الكفر والنفاق يزيد وينقص ويغلظ ويخف بحسب الأحوال.

ومنها: أنه ينبغي للمؤمن أن يؤدي ما عليه من الحقوق، منشرح الصدر، مطمئن النفس، ويحرص أن تكون مغنما، ولا تكون مغرما.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهناك الفريق الآخر ممن خالطت قلوبهم بشاشة الإيمان: (ومن الأعراب من يؤمن باللّه واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند اللّه وصلوات الرسول. ألا إنها قربة لهم. سيدخلهم اللّه في رحمته. إن اللّه غفور رحيم) فهو الإيمان باللّه واليوم الآخر باعث الإنفاق عند هذا الفريق، لا الخوف من الناس، ولا الملق للغالبين، ولا حساب الربح والخسارة في دنيا الناس! وهذا الفريق المؤمن باللّه واليوم الآخر يبتغي بما ينفق أن يكون قربى من اللّه؛ ويتطلب صلوات الرسول.. أي دعواته.. الدالة على رضاه [ص]، المقبولة عند اللّه، وهو يدعو بها للمؤمنين باللّه واليوم الآخر، المنفقين ابتغاء القربى من اللّه ورضاه. لذلك يبادر السياق فيقرر لهم أنها قربى مقبولة عند اللّه: (ألا إنها قربة لهم). ويبشرهم بحسن العاقبة وعداً من اللّه حقاً: (سيدخلهم اللّه في رحمته).. ويجسم الرحمة كأنها دار يدخلونها فتحتويهم؛ وذلك في مقابل تجسيم (دائرة السوء) على الفريق الاخر، الذي يتخذ ما ينفق مغرماً، ويتربص بالمؤمنين الدوائر. (إن اللّه غفور رحيم). يقبل التوبة، ويتقبل النفقة، ويغفر ما كان من ذنب، ويرحم من يبتغون الرحمة.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

ولقائل أن يقول: ألا يعلم من يقدم الزكاة والصدقة قربى، أنه سبحانه غير مستفيد من هذا العمل؟ ألا يعلم أنها قربى له شخصيّا؟ نعم إنه يعلم، ويعلم أن الله يثيبه على أمر ينتفع به الفقراء، وفي هذه إشارة إلى أن كل تكليف من الله إنما يعود نفعه إلى المكلّف لا إلى المكلّف. وما دام العائد إلى المكلّف؛ فالله يدعوك لصالح ذاته وإلى خير لك.

ومن اعتبرها قربى إلى الله لهم القول الحق: {ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته} وقد قال ذلك للأعراب الذين أنفقوا قربى لله، وطمعا في دعوات الرسول صلى الله عليه وسلم، فأوضح لهم سبحانه أنها قربى لهم؛ لأنهم المنتفعون بها، وأنه سيدخلهم في رحمته. ورحمة الله هي نعيم مقيم، وهي دائمة وباقية ببقاء الله الذي لا يحدّ، أما الجنة فباقية وخالدة بإبقاء الله لها. إذن: فدخولك في رحمة الله أعلى من دخولك جنته. فحين يقال "دخل في الرحمة "فمعنى ذلك أن الرحمة ستظله إلى ما لا نهاية..

{إن الله غفور رحيم} لعل واحدا ممن يسمع هذا، يظن أن الجزاء والقربى والدخول في رحمة الله خاص بمن لم يذنب أبدا، فيوضح له القول: اطمئن. إن كانت قد حصلت منك هفوة أو غفلة، فاعلم أن الله غفور رحيم، فلا يعكر ذنبك إيمانك بأنك سوف تدخل في رحمة الله.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

... إنّ التأكيدات المتوالية والمكررة التي تلاحظ في هذه الآية تجلب الانتباه حقّاً، فإنّ (ألا) و (إِن) يدل كلاهما على التأكيد، ثمّ جملة (سيدخلهم الله في رحمته) خصوصاً مع ملاحظة (في) التي تعني الدخول والغوص في الرحمة الإِلهية، وبعد ذلك الجملة الأخيرة التي تبدأ ب (إنَّ) وتذكر صفتين من صفات الرحمة وهما (غفور رحيم) كل هذه التأكيدات تبيّن منتهى اللطف والرحمة الإِلهية بهذه الفئة.

وربّما كان هذا الاهتمام بهؤلاء لأنّهم رغم حرمانهم من التعليم والتربية، وعدم الفهم الكافي لآيات الله وأحاديث النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنّهم قبلوا الإِسلام وآمنوا به بكل وجودهم، ورغم قلّة إمكانياتهم المالية التي يحتمها وضع البادية فإنّهم لم يمتنعوا عن البذل والإِنفاق في سبيل الله، ولذلك استحقوا كل تقدير واحترام، وأكثر ممّا يستحقه سكان المدينة المتمكنون.

ويجب الالتفات إِلى أنّ القرآن قد استعمل (عليهم دائرة السوء) في حق الأعراب المنافقين، التي تدل على إِحاطة التعاسة وسوء العاقبة بهم، أمّا في حق المؤمنين فقد ذكرت عبارة (في رحمته) لتبيّن إِحاطة الرحمة الإِلهية بهؤلاء، فقسم تحيط به الرحمة الإِلهية، والآخر تحيط به الدوائر والمصائب.

وهنا ملاحظات تسترعي الانتباه:

ـ التّجمعات الكبيرة:

يبدو بوضوح ـ من الآيات المذكورة ـ مدى الأهمية التي يوليها الإِسلام للمجتمعات الكبيرة، والأماكن المزدحمة بالسكان، والجميل في الأمر أنّ الإِسلام قد نهض وبزغ نوره من محيط متخلف، محيط لا تشم منه رائحة التمدن والتطور، إلاّ أنّه في الوقت نفسه يهتم اهتماماً خاصّاً بالعوامل البناءة التي تنهض بالمجتمع، وتحلّق به في أجواء التطور والرقي، فنراه يقرر أنّ هؤلاء الذين يعيشون في مناطق نائية عن المدينة أكثر تخلفاً من أهل المدن، لأنّهم لا يملكون الوسائل الكافية للتعليم والتربية فتخلفوا...

إِلاّ أنّ هذا الكلام لا يعني أن يتجه كل الناس إِلى المدن، ويتركوا القرى ـ التي هي أساس عمران المدن ـ تعبث بها يد الخراب، بل يجب السّعي في إيصال علم وتقدم المدينة إِلى القرية، وتقوية أُسس التربية والتعليم وأُصول الدين والوعي ونشرها بين صفوف القرويين.

ولا شك أنّ سكان القرى إِذا تُركوا على حالتهم ولم تفتح عليهم نافذة من العلوم المدنية وآيات الكتب السماوية، وتعليمات وتوجيهات النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والهداة الكرام، فسيحل بهم الكفر والنفاق سريعاً ويأخذ منهم مأخذاً عظيماً. إنّ هؤلاء لهم استعداد أكبر لقبول التربية السليمة والتعليم الصحيح لصفاء قلوبهم، وبساطة أفكارهم، وقلّة انتشار المكر والمراوغة التي تعم المدن بينهم.

ـ الأعراب من سكان المدن

إِنّ كلمة (الأعرابي) وإِن كانت تعني ساكن البادية، إلاّ أنّها استعملت بمعنى أوسع في الأخبار والرّوايات الإِسلامية، وبتعبير آخر: فإنّ مفهومها الإِسلامي لا يرتبط أو يتحدد بالمنطقة الجغرافية التي يشغلها الأعراب، بل تعبر عن منهجية في التفكير، فإنّ من كان في منآى عن الآداب والسنن والتربية الإِسلامية فهو من الأعراب وإن كان من سكان المدن، أمّا سكّان البادية الملتزمون بالآداب والسنن الإِسلامية فليسوا بأعراب...

ـ نطالع في الآية المذكورة أعلاه الواردة في حق المؤمنين من الأعراب، أنّ هؤلاء يعتبرون إنفاقهم أساس القرب من الله تعالى، خاصّة وأنّ هذه الكلمة قد وردت بصيغة الجمع (قربات)، وهي توحي أنّ هؤلاء لا يبتغون من إِنفاقهم قربة واحدة، بل قربات...