تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

فقالوا ردا لدعوته ، ومعارضة له بما ليس يصلح للمعارضة : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ } أي : كيف نتبعك ونحن لا نرى أتباعك إلا أسافل الناس ، وأراذلهم ، وسقطهم . بهذا يعرف تكبرهم عن الحق ، وجهلهم بالحقائق ، فإنهم لو كان قصدهم الحق ، لقالوا - إن كان عندهم إشكال وشك في دعوته - بيّن لنا صحة ما جئت به بالطرق الموصلة إلى ذلك ، ولو تأملوا حق التأمل ، لعلموا أن أتباعه ، هم الأعلون ، خيار الخلق ، أهل العقول الرزينة ، والأخلاق الفاضلة ، وأن الأرذل ، من سلب خاصية عقله ، فاستحسن عبادة الأحجار ، ورضي أن يسجد لها ، ويدعوها ، وأبى الانقياد لدعوة الرسل الكمل . وبمجرد ما يتكلم أحد الخصمين في الكلام الباطل ، يعرف فساد ما عنده بقطع النظر عن صحة دعوى خصمه ، فقوم نوح ، لما سمعنا عنهم ، أنهم قالوا في ردهم دعوة نوح : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ } فبنوا على هذا الأصل ، الذي كل أحد يعرف فساده ، رد دعوته - عرفنا أنهم ضالون مخطئون ، ولو لم نشاهد من آيات نوح ودعوته العظيمة ، ما يفيد الجزم واليقين ، بصدقه وصحة ما جاء به .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

فماذا كان ردهم على هذا القول الحكيم لنبيهم ؟ لقد حكى القرآن ردهم فقال : { قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون } .

والأرذلون : جمع الأرذل . وهو الأقل من غيره فى المال والجاه والنسب .

أى : قال قوم نوح له عندما دعاهم إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - : يا نوح أنؤمن لك ، والحال أن الذين اتبعوك من سفلة الناس وفقرائهم ، وأصحاب الحرف الدنيئة فينا .

وهذا المنطق المرذول قد حكاه القرآن فى كثير من آياته ، على ألسنة المترفين ، وهم يردون على أنبيائهم عندما يدعونهم إلى الدين الحق . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

105

ولكن القوم يطلعون عليه باعتراض عجيب . وهو اعتراض مكرور في البشرية مع كل رسول :

( قالوا : أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ? ) . .

وهم يعنون بالأرذلين الفقراء . وهم السابقون إلى الرسل والرسالات ، وإلى الإيمان والاستسلام . لا يصدهم عن الهدى كبرياء فارغة ، ولا خوف على مصلحة أو وضع أو مكانة . ومن ثم فهم الملبون السابقون . فأما الملأ من الكبراء فتقعد بهم كبرياؤهم ، وتقعد بهم مصالحهم ، القائمة على الأوضاع المزيفة ، المستمدة من الأوهام والأساطير ، التي تلبس ثوب الدين . ثم هم في النهاية يأنفون أن يسويهم التوحيد الخالص بالجماهير من الناس ، حيث تسقط القيم الزائفة كلها ، وترتفع قيمة واحدة . قيمة الإيمان والعمل الصالح . قيمة واحدة ترفع قوما وتخفض آخرين . بميزان واحد هو ميزان العقيدة والسلوك القويم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتّبَعَكَ الأرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاّ عَلَىَ رَبّي لَوْ تَشْعُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال قوم نوح له مجيبيه عن قيله لهم : إني لكم رسول أمين ، فاتقوا الله وأطيعون قالوا : أنؤمن لك يا نوح ، ونقرّ بتصديقك فيما تدعونا إليه ، وإنما اتبعك منا الأرذلون دون ذوي الشرف وأهل البيوتات قال وَمَا عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ قال نوح لقومه : وما علمي بما كان أتباعي يعملون ، إنما لي منهم ظاهر أمرهم دون باطنه ، ولم أكلّف علم باطنهم ، وإنما كلفت الظاهر ، فمن أظهر حسنا ظننت به حسنا ، ومن أظهر سيئا ظننت به سيئا ، إنْ حِسابُهُمْ إلاّ عَلى ربّي لَوْ تَشْعُرُونَ يقول : إن حساب باطن أمرهم الذي خفي عني إلا على ربي لو تشعرون ، فإنه يعلم سرّ أمرهم وعلانيته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله إنْ حِسابُهُمْ إلاّ عَلى رَبّي لَوْ تَشْعُرُونَ قال : هو أعلم بما في نفوسهم .