فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

{ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ } الاستفهام للإنكار ، أي كيف نتبعك ونصدق لك ونؤمن بك ؟ { و } الحال أن قد { اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } جمع أرذل وجمع التكسير أراذل ، والأنثى رذلاء وهم الأقلون جاها ومالا ، والرذالة الخسة والذلة ، استرذلوهم لقلة أموالهم وجاههم ، أو لاتضاع أنسابهم .

قال مجاهد : الأرذلون الحواكون . وقال قتادة سفلة الناس وأراذلهم وقال ابن عباس : يعني القافة ، وقيل هم الحاكة و الأساكفة ، وقيل : كانوا من أهل الصناعات الدنية ، والصناعة لا تزرى بالديانة فالغنى غنى الدين ، والنسب نسب التقوى .

ولا يجوز أن يسمى المؤمن رذلا ، وإن كان أفقر الناس ، وأوضعهم نسبا ، وما زالت أتباع الأنبياء كذلك . وإنما بادروا للاتباع قبل الأغنياء لاستيلاء الرياسة على الأغنياء ، وصعوبة الانفكاك منها ، والأنفة عن الانقياد للغير . والفقير خلي من تلك الموانع فهو سريع الإجابة والانقياد ، وهذا هو غالب أحوال أهل الدنيا ، وهذا من سخافة عقولهم ، وقصر رأيهم على حطام الدنيا حتى جعلوا إتباع المقلين من الدنيا مانعا من اتباعهم ، وجعلوا إيمانهم بما يدعوهم إليه دليلا على بطلانه .

وقرئ { أتباعك الأرذلون } قال النحاس : وهي قراءة حسنة لأن هذه الواو تتبعها الأسماء كثيرا وأتباع جمع تابع .