الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{۞قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ} (111)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قالوا} لنوح {أنؤمن لك}: أنصدقك بقولك {واتبعك الأرذلون} يعني: السفلة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال قوم نوح له مجيبيه عن قيله لهم: إني لكم رسول أمين، فاتقوا الله وأطيعون قالوا: أنؤمن لك يا نوح، ونقرّ بتصديقك فيما تدعونا إليه، وإنما اتبعك منا الأرذلون دون ذوي الشرف وأهل البيوتات.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يقولون: نصدقك، وإنما اتبعك الضعفاء منا والسفلة ممن لا رأي لهم ولا تدبير. ولو كنت صادقا لاتبعك الأشراف والرؤساء. فكان في اتباع الأراذل له ومن ذكر أعظم آية من آيات الرسالة من اتباع الأشراف؛ وذلك أن الأراذل من الناس هم أتباع لغيرهم لما يأملون من فضل مال ونيل منهم أو رئاسة ومنزلة لهم. والفضل بصر وحظ وعلم في الدين، فيصيرون أتباعا لمن كان عنده من هذه الخصال شيء. فالرسل، صلوات الله عليهم، حين لم يكن عندهم أموال، ولا طمع رئاسة ولا منزلة، اتبعهم الضعفاء والسفلة مع خوفهم على أنفسهم من أولئك الأشراف من القتل والصلب لمخالفتهم إياهم. فما اتبعوهم إلا لما تبين عندهم أنهم على حق، وأن ما يدعون صدق. ففي اتباع ما ذكرنا أعظم دلالة على صدق الرسل في ما دعوا من الرسالة لو تأملوا، وتفكروا في ذلك.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

إنَّ أتباعَ كلِّ رسولٍ إنما هم الأضعفون، لكنهم -في حكم الله- هم المتقدِّمون الأكرمون.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والرذالة والنذالة: الخسة والدناءة. وإنما استرذلوهم لاتضاع نسبهم وقلة نصيبهم من الدنيا.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فذهب أشرافهم إلى استنقاص أتباعه بسبب صغار الناس الذين اتبعوه وضعفائهم، وهذا كفعل قريش في شأن عمار بن ياسر وصهيب وغيرهما.

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

{قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} الأقلون جاها ومالا... وهذا من سخافة عقلهم وقصور رأيهم على الحطام الدنيوية، حتى جعلوا اتباع المقلين فيها مانعا عن اتباعهم وإيمانهم بم يدعوهم إليه ودليلا على بطلانه وأشاروا بذلك إلى أن اتباعهم ليس عن نظر وبصيرة وإنما هو لتوقع مال ورفعة فلذلك: {قال وما علمي بما كانوا يعملون}.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

ثم لم ينظروا في أمر رسالته، ولا تفكروا فيما أمرهم به، لما جبلوا عليه ونشؤوا من حب الرئاسة، وهي التي تطبع على قلوبهم. فشرع أشرافهم في تنقيص متبعيه، وأن الحامل على انتفاء إيمانهم له، كونه اتبعه الأرذلون... أي كيف نؤمن وقد اتبعك أراذلنا، فنتساوى معهم في اتباعك؟..والضعفاء أكثر استجابة من الرؤساء، لأن أذهانهم ليست مملوءة بزخارف الدنيا، فهم أدرك للحق وأقبل له من الرؤساء.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{أنؤمن لك} أي لأجل قولك هذا وما أثبته أوصافك {و} الحال أنه قد {اتبعك الأرذلون} أي المؤخرون في الحال والمآل، والأحوال والأفعال، فيكون إيماننا بك سبباً لاستوائنا معهم، فلو طردتهم لم يكن لنا عذر في التخلف عنك، ولا مانع من اتباعك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(قالوا: أنؤمن لك واتبعك الأرذلون؟).. وهم يعنون بالأرذلين الفقراء. وهم السابقون إلى الرسل والرسالات، وإلى الإيمان والاستسلام. لا يصدهم عن الهدى كبرياء فارغة، ولا خوف على مصلحة أو وضع أو مكانة. ومن ثم فهم الملبون السابقون. فأما الملأ من الكبراء فتقعد بهم كبرياؤهم، وتقعد بهم مصالحهم، القائمة على الأوضاع المزيفة، المستمدة من الأوهام والأساطير، التي تلبس ثوب الدين. ثم هم في النهاية يأنفون أن يسويهم التوحيد الخالص بالجماهير من الناس، حيث تسقط القيم الزائفة كلها، وترتفع قيمة واحدة. قيمة الإيمان والعمل الصالح. قيمة واحدة ترفع قوما وتخفض آخرين. بميزان واحد هو ميزان العقيدة والسلوك القويم.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {الأرذلون}: سَقَط القوم موصوفون بالرذالة وهي الخِسّة والحقارة، أرادوا بهم ضعفاء القوم وفقراءهم فتكبروا وتعاظموا أن يكونوا والضعفاءَ سواء في اتّباع نوح. وهذا كما قال عظماء المشركين للنبيء صلى الله عليه وسلم لما كان من المؤمنين عمَّار وبلال وزيدُ بن حارثة: أنحن نكون تبعاً لهؤلاء أطرِدْهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك. فأنزل الله تعالى: {ولا تَطْرُد الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} الآيات من سورة الأنعام (52)

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

والاستفهام هنا للتعجب: كيف نؤمن لك ونحن السادة، والمؤمنون بك هم الأرذلون؟ يقصدون الفقراء وأصحاب الحرف والذين لا يؤبه بهم، وهؤلاء عادة هم جنود الرسالة؛ لأنهم هم المطحونون من المجتمع الفاسد، وطبيعي أن يتلقفوا من يعدل ميزان المجتمع.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{قَالُواْ أَنُؤْمِنُ لَكَ} في دعوتك لنا، لنكون معك، {وَاتَّبَعَكَ الاْرْذَلُونَ} وأنت لا تملك جمهوراً مميزاً من الطبقة العالية في المجتمع من أصحاب السلطة والمال والنفوذ، بل كل ما لديك هم هؤلاء السفلة الأراذل الذين يتميزون بالخسّة والدناءة، فكيف تريدنا أن نتبعك وليس معك أحد من طبقتنا، فكيف نقبل أن ندخلهم في مجتمعنا من خلالك، أو ندخل نحن في مجتمعهم، لحسابك؟

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

فحين نلاحظ قومك يا نوح، نجدهم حفنةً من الأراذل والفقراء والحفاة والكسبة الضعاف، قد داروا حولك، فكيف تتوقع أن يتبعك الأثرياء الأغنياء الشرفاء والوجهاء ويخضعوا لك؟!...إلاّ أن خطأهم الكبير هو عدم معرفتهم مفهوم الشخصية ومعيارها... إذ كانوا يرون معيار القِيَم في المال والثروة والألبسة والبيوت والمراكب الغالية والجميلة، وكانوا غافلين عن النقاء والصفاء والتقوى والطهارة وطلب الحق، والصفات العليا للإنسانية الموجودة في الطبقات الفقيرة والقلّة من الأشراف.