تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

{ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } فإذا كانت هذه حالكم مع أندادكم عند الشدائد ، تنسونهم ، لعلمكم أنهم لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا ، ولا موتا ، ولا حياة ، ولا نشورا .

وتخلصون لله الدعاء ، لعلمكم أنه هو النافع الضار ، المجيب لدعوة المضطر ، فما بالكم في الرخاء تشركون به ، وتجعلون له شركاء ؟ . هل دلكم على ذلك ، عقل أو نقل ، أم عندكم من سلطان بهذا ؟ بل{[288]}  تفترون على الله الكذب ؟


[288]:- في ب: أم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

ثم أكد - سبحانه - أنهم عند الشدائد والكروب لا يلجأون إلا إلى الله فقال - تعالى - : { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } .

بل للإضراب الانتقالى عن تفكيرهم وأوهامهم ، أى : بل تخصونه وحده بالدعاء دون الآلهة ، فيكشف ما تلتمسون كشفه إن شاء ذلك ، لأنه هو القادر على كل شىء { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } أى : تغيب عن ذاكرتكم عند الشدائد والأهوال تلك الأصنام الزائفة والمعبودات الباطلة .

وقدم - سبحانه - المفعول على الفعل فى قوله : { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ } لإفادة الاختصاص ، أى : لا تدعون إلا إياه ، وذلك يدل على أن المشركين مهما بلغ ضلالهم فإنهم عند الشدائد يتجهون بتفكيرهم إلى القوة الخفية الخالقة لهذا الكون .

وفى قوله { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ } استعارة حيث شبه حال إزالة الشر بحال كشف غطاء غامر مؤلم بجامع إزالة الضر فى كل وإحلال السلامة محله .

والمقصود فيكشف الضر الذى تدعونه أن يكشفه : فالكلام على تقدير حذف مضاف .

وجواب الشرط لقوله : { إِنْ شَآءَ } محذوف لفهم المعنى ودلالة ما قبله عليه ، أى إن شاء أن يكشف الضر كشفه ، لأنه - سبحانه - لا يسأل عما يفعل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } . .

يقول تعالى ذكره مكذّبا لهؤلاء العادلين به الأوثان : ما أنتم أيها المشركون بالله الاَلهة والأنداد إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدّة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم ، بل تدعون هناك ربكم الذي خلقكم وبه تستغيثون وإليه تفزعون دون كل شيء غيره . فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إلَيْهِ يقول : فيفرّج عنكم عند استغاثتكم به وتضرّعكم إليه عظيم البلاء النازل بكم إن شاء أن يفرّج ذلك عنكم ، لأنه القادر على كلّ شيء ومالك كلّ شيء دون ما تدعونه إلها من الأوثان والأصنام . وتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ يقول : وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه ، فتجعلونه له ندّا من وثَن وَصَنم ، وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

{ بل إياه تدعون } بل تخصونه بالدعاء كما حكى عنهم في مواضع ، وتقديم المفعول لإفادة التخصيص . { فيكشف ما تدعون إليه } أي ما تدعونه إلى كشفه . { إن شاء } أي يتفضل عليكم ولا يشاء في الآخرة . { وتنسون ما تشركون } وتتركون آلهتكم في ذلك الوقوف لما ركز في العقول على أنه القادر على كشف الضر دون غيره ، أو وتنسونه من شدة الأمر وهوله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

وقوله تعالى : { بل إياه تدعون } الآية ، المعنى بل لا ملجأ لكم إلا لله ، وأصنامكم مطرحة منسية ، و { ما } بمعنى الذي تدعون إليه من أجله ، ويصح أن تكون { ما } ظرفية ، ويصح أن تكون مصدرية على حذف في الكلام ، قال الزجّاج هو مثل :{ وأسأل القرية }{[4914]} ، والضمير في { إليه } يحتمل أن يعود إلى الله تعالى بتقدير : فيكشف ما تدعون فيه إلى الله تعالى{[4915]} ، ويحتمل أن يعود [ ما ] بتقدير : فيكشف ما تدعون إليه ، و { إن شاء } استثناء لأن المحنة إذا أظلت عليهم فدعوا إليه في كشفها وصرفها فهو لا إله إلا هو كاشف إن شاء ، ومصيب إن شاء لا يجب عليه شيء ، وتقدم معنى { تنسون } ، و { إياه } اسم مضمر أُجري مجرى المظهرات في أنه يضاف أبداً ، وقيل هو مبهم وليس بالقوي لأن الأسماء المبهمة مضمنة الإشارة إلى حاضر نحو : ذاك وتلك وهؤلاء ، و «إيا » ليس فيه معنى الإشارة .


[4914]:- من الآية (82) من سورة (يوسف).
[4915]:- قال أبو حيان: "وهذا ليس بجيد لأن (دعا) بالنسبة إلى مجيب الدعاء إنما يتعدى لمفعول به دون حرف جر. قال تعالى: {ادعوني أستجب لكم} وقال: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}، ومن كلام العرب: دعوت الله سميعا، ولا تقول بهذا المعنى: دعوت إلى الله بمعنى "دعوت الله".