نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

ولما كان استفهام الإنكار بمعنى النفي ، كان كأنه قيل : لا تدعون{[29579]} غيره ، فعطف عليه قوله : { بل إياه } أي خاصة { تدعون } أي حينئذ ؛ ولما كان يتسبب{[29580]} عن دعائهم تارة الإجابة وأخرى{[29581]} غيرها قال : { فيكشف } أي الله في الدنيا أو{[29582]} في الآخرة ، فإنه لا يجب عليه{[29583]} شيء ، ولا يقبح منه شيء { ما تدعون إليه } أي إلى كشفه { إن شاء } أي ذلك تفضلاً عليكم كما هي عادته معكم في وقت شدائدكم ، ولكنه لا يشاء كشفه في الآخرة ، لأنه لا يبدل القول لديه وإن كان له أن يفعل ما يشاء ، ولو كان يجيبكم دائماً وأنتم لا تدعون غيره ، لكان ذلك كافياً في الدلالة على اعتقادكم أنه لا قادر إلا هو ، فكيف وهو يجيبكم في الدنيا إذا دعوتموه{[29584]} تارة ويجيبكم أخرى ، و{[29585]} مع ذلك{[29586]} فلا يردكم عدم إجابته عن اعتقاد قدرته ودوام الإقبال عليه في مثل تلك الحال لما ركز في العقول{[29587]} السليمة والفطر{[29588]} الأولى من أنه الفاعل المختار ، وعلى ذلك دل قوله عطفاً على " تدعون " : { وتنسون } أي تتركون في تلك الأوقات دائماً { ما تشركون * } أي من معبوداتكم الباطلة لعلمكم أنها لا تغني شيئاً ، كما هي عادتكم دائماً في أوقات الشدائد رجوعاً إلى حال الاستقامة . أفلا يكون لكم هذا زاجراً عن الشرك في وقت الرخاء خوفاً من إعادة الضراء ! .


[29579]:في ظ: لا يدعون.
[29580]:من ظ، وفي الأصل: تسبب.
[29581]:من ظ، وفي الأصل: الأخرى.
[29582]:في ظ "و".
[29583]:من ظ، وفي الأصل: على.
[29584]:في ظ: دعوتكم.
[29585]:في ظ: في ذلكم.
[29586]:في ظ: في ذلكم.
[29587]:سقط من ظ.
[29588]:في ظ: الفكر.