المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

وقوله تعالى : { بل إياه تدعون } الآية ، المعنى بل لا ملجأ لكم إلا لله ، وأصنامكم مطرحة منسية ، و { ما } بمعنى الذي تدعون إليه من أجله ، ويصح أن تكون { ما } ظرفية ، ويصح أن تكون مصدرية على حذف في الكلام ، قال الزجّاج هو مثل :{ وأسأل القرية }{[4914]} ، والضمير في { إليه } يحتمل أن يعود إلى الله تعالى بتقدير : فيكشف ما تدعون فيه إلى الله تعالى{[4915]} ، ويحتمل أن يعود [ ما ] بتقدير : فيكشف ما تدعون إليه ، و { إن شاء } استثناء لأن المحنة إذا أظلت عليهم فدعوا إليه في كشفها وصرفها فهو لا إله إلا هو كاشف إن شاء ، ومصيب إن شاء لا يجب عليه شيء ، وتقدم معنى { تنسون } ، و { إياه } اسم مضمر أُجري مجرى المظهرات في أنه يضاف أبداً ، وقيل هو مبهم وليس بالقوي لأن الأسماء المبهمة مضمنة الإشارة إلى حاضر نحو : ذاك وتلك وهؤلاء ، و «إيا » ليس فيه معنى الإشارة .


[4914]:- من الآية (82) من سورة (يوسف).
[4915]:- قال أبو حيان: "وهذا ليس بجيد لأن (دعا) بالنسبة إلى مجيب الدعاء إنما يتعدى لمفعول به دون حرف جر. قال تعالى: {ادعوني أستجب لكم} وقال: {أجيب دعوة الداع إذا دعان}، ومن كلام العرب: دعوت الله سميعا، ولا تقول بهذا المعنى: دعوت إلى الله بمعنى "دعوت الله".