جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{بَلۡ إِيَّاهُ تَدۡعُونَ فَيَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَيۡهِ إِن شَآءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ} (41)

{ بل إياه تدعون{[1400]} } : تخصونه بالدعاء كما قال تعالى : ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) ( لقمان : 32 ) { فيكشف ما تدعون } : الله ، { إليه } : إلى كشفه ، { إن شاء } لكن لم يشأ كشف عذاب الآخرة عنهم ، { وتنسون{[1401]} ما تُشركون } فلا تذكرونه في ذلك الوقت .


[1400]:كما حكى عنهم في مواضع، وتقديم المفعول لإفادة التخصيص/12 بيضاوي.
[1401]:لما ركز في العقول على أنه القادر على كشف الضر دون غيره /بيضاوي/ فمن هاهنا تبين لك أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرا من الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم– فقد سمعت أن الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسهم الضر تركوا السادة والمشايخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده فإذا جاء الرخاء أشركوا وأنت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة إذا مسه الضر قام يستغيث بغير الله مثل معروف الكرخي أو عبد القادر الجيلاني وأجل من هؤلاء من زيد بن الخطاب، والزبير أجل من هؤلاء مثل رسول الله –صلى الله عليه وسلم– فالله المستعان ومنه نسأل العفو والغفران/12، وفي الدر النضيد للشوكاني أن هؤلاء القبوريين قد وصلوا إلى حد في اعتقادهم في الأموات لم يبلغه المشركون في اعتقادهم في أصنامهم وهو أن أهل الجاهلية كانوا إذا مسهم الضر دعوا الله وحده وإنما يدعون أصنامهم مع عدم نزول الشدائد من الأمور كما حكاه الله عنهم بقوله: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا) (الإسراء:67)، وبقوله: (قل أرأيتكم) وبقوله: (وإذا مس الإنسان الضر دعا ربه منيبا ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعو إليه من قبل) (الزمر: 8)، وبقوله: (وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين) (لقمان: 32)، بخلاف المعتقدين في الأموات فإنهم إذا دهتهم الشدائد استغاثوا بالأموات ونذروا لهم النذور وقل من يستغيث بالله سبحانه في تلك الحال وهذا يعلمه كل من له بحث عن أحوالهم، ولقد أخبرني بعض من ركب البحر للحج أنه اضطرب اضطرابا شديدا فسمع من أهل السفينة من الملاحين وغالب الراكبين معهم ينادون الأموات ويستغيثون بهم، ولم يسمعهم يذكرون الله قط قال: ولقد خشيت في تلك الحال الغرق لما شاهدته من الشرك بالله أعاذنا الله من الشرك والكفران ومنه نسأل العصمة والغفران/12.