تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{۞جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلۡكَعۡبَةَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ قِيَٰمٗا لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَٱلۡهَدۡيَ وَٱلۡقَلَـٰٓئِدَۚ ذَٰلِكَ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (97)

{ 97- 99 } { جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

يخبر تعالى أنه جعل { الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ } يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم ، فبذلك يتم إسلامهم ، وبه تحط أوزارهم ، وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة ، والإحسان الكثير ، وبسببه تنفق الأموال ، وتتقحم{[279]}  - من أجله - الأهوال .

ويجتمع فيه من كل فج عميق جميع أجناس المسلمين ، فيتعارفون ويستعين بعضهم ببعض ، ويتشاورون على المصالح العامة ، وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية .

قال تعالى : { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ومن أجل كون البيت قياما للناس قال من قال من العلماء : إن حج بيت الله فرض كفاية في كل سنة . فلو ترك الناس حجه لأثم كل قادر ، بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم ، وقامت القيامة .

وقوله : { وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ } أي : وكذلك جعل الهدي والقلائد -التي هي أشرف أنواع الهدي- قياما للناس ، ينتفعون بهما ويثابون عليهما . { ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فمن علمه أن جعل لكم هذا البيت الحرام ، لما يعلمه من مصالحكم الدينية والدنيوية .


[279]:- في ب: وتقتحم.