قوله : { جعل الله الكعبة البيت الحرام } الآية [ 99 ] .
إنما سميت الكعبة كعبة لتربيعها{[18130]} ، قاله عكرمة ومجاهد{[18131]} . وقيل : لتربيع أعلاها{[18132]} .
ومعنى { قياما }{[18133]} أي : جعلها بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر أتباعه ، فهي تحجزهم{[18134]} عن ظلم بعضهم بعضا ، وقيل : جعلها مصالح لأمورهم{[18135]} ، كالرئيس الذي يصلح أمر من يتبعه ، وكذلك { الهدي والقلائد } جعل ذلك أيضا قياما للناس{[18136]} .
والناس – هنا - : من كان في الجاهلية ، كان الرجل لا يخاف إذا دخل في الحرم ولو لقي من قتل أباه أو أخاه ، لم يخف الفاعل في الحرم ، وإذا لقي الهدي لم يعرض له القاطع ولا الجائع ، وكان الرجل إذا أراد الحج تقلد بقلادة من شعر ، وإذا رجع تقلد بقلادة من لحاء شجر الحرم ، فلا يعرض له ولا يؤذى حتى يصل ( إلى ){[18137]} أهله{[18138]} .
وقيل : الناس هنا : جميع الناس{[18139]} .
قال ابن عباس : قياما لدينهم ومعلما لحجهم{[18140]} . قال ابن زيد : كان الناس كلهم فيهم ملوك يدفع بعضهم عن بعض ، ولم يكن في العرب ملوك يدفع عن بعضهم ( ظلم بعض ){[18141]} ، فجعل الله لهم البيت{[18142]} الحرام قياما ، يدفع بعضهم عن بعض ، وكذلك الشهر الحرام لا يؤذى أحد في الحرم ، ولا في الشهر الحرام وإن كان ذا جناية ، وهذا ( كله منسوخ ){[18143]} بالحدود ( و ){[18144]} بقوله : { فاقتلوا{[18145]} المشركين حيث وجدتموهم }{[18146]} ، لا يمنع الحرم من الاقتصاص من جان{[18147]} ، ولا من إقامة حد على من وجب عليه الحد ، وهذا إجماع{[18148]} .
وقيل { قياما } يأتمون بها ويقومون بشرائعها{[18149]} . وقيل : ( معنى ){[18150]} { قياما للناس } أي : بالحج يسلمون من استعجال{[18151]} العقوبات{[18152]} .
قال بعض العلماء لو ترك الناس الحج عاما واحدا ما أنظروا{[18153]} .
/ قوله : { ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض } الآية [ 99 ] .
( ذلك ) إشارة إلى ما تقدم من قوله : { جعل الله الكعبة البيت الحرام } الآية ، فالمعنى : ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما تحدثون وما تصنعون ، كما يعلم ما في السموات و{ ما في الأرض }{[18154]} ، ولتعلموا أن الله بكل شيء عليم لا يخفى عليه شيء من أموركم{[18155]} .
قال المبرد : كانت الجاهلية تعظم البيت الحرام و{ الأشهر الحرم }{[18156]} ، كانوا{[18157]} يُسَمُّون رجبا : الاصم ، لأنه ( لا ){[18158]} يسمع فيه وقع السلاح{[18159]} ، فأعلم{[18160]} الله ما يكون منهم من إغارة بعضهم على بعض ، فألهمهم ( الله ){[18161]} ألا يقاتلوا في الأشهر الحرم ، ولا عند البيت الحرام ولا من كان معه القلائد ، ثم أعلمهم أن الذي ألهمهم هذا{[18162]} يعلم ما في السماوات وما في الأرض{[18163]} .
وفي تكرير الاسم في قوله : { وأن الله } ، ولم يقل : ( وأنه ) ، معنى التعظيم{[18164]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.