{ جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم 97 اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم 98 } .
{ جعل الله الكعبة } جعل هنا بمعنى خلق ، وقيل بمعنى صير وقيل بمعنى بين وحكم ، وهذا ينبغي أن يحمل على تفسير المعنى لا تفسير اللغة إذ لم ينقل أهل العربية أنها تكون بمعنى بين ولا حكم ، ولكن يلزم من الجعل البيان ، والأول أولى ، وسميت الكعبة لأنها مربعة والتكعيب التربيع ، وأكثر بيوت العرب مدورة لا مربعة وقيل سميت كعبة لنتوئها وبروزها ، وكل بارز كعب مستديرا كان أو غير مستدير ومنه كعب القدم وكعوب القنا وكعب ثدي المرأة .
{ البيت الحرام } عطف بيان على جهة المدح لا على جهة التوضيح ، قاله الزمخشري وقيل مفعول ثان لجعل ، ولا وجه له ، وقيل بدل وسمي بيتا لأن له سقوفا وجدرا ، وهي حقيقية البيت وإن لم يكن به ساكن ، وسمي حراما لتحريم الله سبحانه إياه .
ومعنى كونه { قياما للناس } أنه مدار لمعاشهم ودينهم أي يقومون بما يصلح دينهم ودنياهم يأمن فيه خائفهم وينصر فيه ضعيفهم ، وتربح فيه تجارتهم ويتعبد فيه متعبدهم ، وقال ابن عباس : قياما لدينهم ومعالم لحجهم ، وعنه قال : قياما أن يأمن من توجه إليها ، وعن ابن شهاب قال : يأمنون به من الجاهلية الأولى لا يخاف بعضهم من بعض حين يلقونهم عند البيت أو في الحرم أو في الشهر الحرام .
{ والشهر الحرام } عطف على الكعبة ، وهو ذو الحجة وخصه من بين الأشهر الحرم لكونه زمان تأدية الحج ، وقيل هو اسم جنس المراد به الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، فإنهم كانوا لا يطلبون فيها دما ولا يقاتلون بها عدوا ، ولا يهتكون فيها حرمة ، فكانت من هذه الحيثية قياما للناس { و } جعل الله { الهدي والقلائد } قياما لمصالحهم ، والمراد بالقلائد ذوات القلائد من الهدي وهي البدن ، خصت بالذكر لأن الثواب فيها أكثر ، وبهاء الحج بها أظهر ، فهو من عطف الخاص على العام ، قاله أبو السعود ، ولا مانع من أن تراد القلائد أنفسها أي التي كانوا يقلدون بها أنفسهم يأخذونها من لحاء شجر الحرم إذا رجعوا من مكة ليأمنوا على أنفسهم من العدو .
{ ذلك } الجعل المذكور ، وقيل شرع الله ذلك وهو أقوى الوجوه { لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض } أي تفاصيل أمرهما ويعلم مصالحكم الدينية والدنيوية فإنها من جملة ما فيهما ، فكل ما شرعه لكم فهو جلب لمصالحكم ودفع لما يضركم { وأن الله بكل شيء عليم } هذا تعميم بعد التخصيص والمعنى لا تخفى عليه خافية
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.