بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

ثم قال : { إِنَّ الإنسان لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } فيه جواب القسم ، أقسم الله تعالى بهذه الأشياء ، وفيه بين ذكر فضل الغازي وفضل فرس الغازي على تفسير من فسر الآية على الفرس حين أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج ، والنار التي تخرج من تحت حوافر فرس الغازي ؛ لأنه ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى . ومن فسر الآية على الإبل ففي الآية بيان فضل الحاج ، وفضل دواب الحاج ، حيث أقسم الله تعالى بالتراب الذي يخرج من تحت أخفاف إبل الحاج ، والنار التي تخرج منها حيث صارت في أرض الحجارة . { إن الإنسان لربه لكنود } يعني : لبخيل . قال : مقاتل نزلت في قرط بن عبد الله ، وقال : معنى «الكنود » بلسان كندة وبني حضرموت هو العاصي سيده ، وبلسان بني كنانة البخيل ، ويقال : هو الوليد بن المغيرة ، ويقال : هو أبو حباحب ، ويقال : كان ثلاثة نفر في العرب في عصر واحد ، أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائي ، والثاني آية في البخل وهو أبو حباحب ، والثالث آية في الطمع وهو أشعب ، كان طماعاً ، وكان من طمعه إذا رأى عروساً تزف إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره ، وكان إذا رأى إنساناً يحك عنقه فيظن أنه ينزع القميص ليدفعه إليه ، ويقال : «الكنود » الذي يمنع وفده ، ويجيع أهله ، ويضرب عبده ، ويأكل وحده ، ولا يعبأ للنائرة في قومه ، أي المصيبة ، وقال الحسن : الكنود الذي يذكر المصائب ، وينسى النعم ، ويقال : الكنود الذي لا خير فيه ، ويقال : الأرض التي غلب عليها السبخة ولا يخرج منها البذر أرض كنود .