بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (265)

ثم ضرب مثلاً لنفقة المؤمن الذي يريد بنفقته وجه الله تعالى ، ولا يمن بها فقال عز وجل :

{ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 265 ) }

{ وَمَثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابتغاء مَرْضَاتِ الله } يعني يتصدقون طلب رضاء الله تعالى بصدقاتهم { وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ } يعني وتصديقاً من قلوبهم ، يعني يصدقون الله تعالى بالثواب في الآخرة ، والخلف في الدنيا . ويقال : وتثبيتاً من أنفسهم ، يعني وتحقيقاً من قلوبهم يقصدون بها وجه الله . { كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } يعني بستاناً في مكان مستو مرتفع . { أَصَابَهَا وَابِلٌ } يعني البستان أصابه المطر الشديد { فَأَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ } .

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : { أكلها } بجزم الكاف ، ونصب اللام . وقرأ الباقون بالضم { أكلها } ، وتفسير القراءتين واحد ، وقرأ عاصم وأبو عمرو { بربوة } بنصب الراء ، وقرأ الباقون بالضم ، وقرأ ابن سيرين بكسر الراء ، وفيه ثلاث لغات : رَبْوَة وَرِبْوَةَ وَرُبْوة . وتفسير القراءات واحد .

وفي الآية تقديم وتأخير ، ومعناه كمثل جنة بربوة أصابها وابل { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } فأتت أكلها ضعفين ، يعني البستان إذا أصابه المطر أو الطل ، والطل البطيء من المطر ، وهو مثل الندى ، { فأتت أكلها ضعفين } ، يعني اخضرت أوراق البستان ، وأخرجت ثمرها ضعفين ، فكذلك الذي يتصدق به لوجه الله تعالى يكون له الثواب ضعفين ، يعني للواحد عشرة إلى سبعمائة إلى ما لا نهاية له { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .