قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْييِ الموتى } ، وذلك أن النمرود لما قال له : أنا أحيي وأميت . ووصف لهم ذلك ، فسألوا إبراهيم فقالوا له : كيف يحيي ربك الموتى ؟ فأراد إبراهيم أن يرى ذلك بالمعاينة ، حتى يخبرهم بما يرى من المعاينة ، فسأل ربه فقال : { رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْييِ الموتى } .
وقال مقاتل : مرَّ إِبراهيم فرأى جيفة على ساحل البحر ، يأكل منها دواب البحر والطيور ، وبعضها يصير مستهلكاً في الأرض ، فوقع في قلبه أن الذي تفرق في البحر وفي بطون الطير ، كيف يجمعها الله تعالى ، فأراد أن يعاين ذلك فقال : { رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْييِ الموتى } . ف { قَالَ } له ربه : { أَوَلَمْ تُؤْمِن } ؟ يعني أو لم تصدق بأني أحيي الموتى ؟ { قَالَ بلى } قد صدقت ؛ { ولكن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } ، أي ليسكن قلبي . ويقال : إنما قال له : { أو لم تؤمن } ؟ لكي يظهر إقراره ، لكي لا يظن أحد بعده أنه لم يكن مقراً بذلك في ذلك الوقت ، فظهر إقراره بقوله : بلى . وقال سعيد بن جبير : ليسكن قلبي أنك اتخذتني خليلاً .
{ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطير } ، فأخذ ديكاً وحمامة وطاووساً وغراباً ؛ وفي بعض الروايات أخذ طاووساً وثلاثة من الطيور مختلفة ألوانها وأسماؤها وريشها . { فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } ، أي فقطعهن ؛ وقال السدي : يعني فدقهن ، وقال الأخفش : يعني اضممهن إليك . وذكر مقاتل بإسناده عن الأعمش قال : فيه تقديم وتأخير ، فخذ إليك أربعة من الطيور فقطعهن واخلط بعضهن ببعض ، { ثُمَّ اجعل على كُلّ جَبَلٍ مّنْهُنَّ جُزْءا } ، ثم فرقهن في أربعة أجبل . { ثُمَّ ادعهن يَأْتِينَكَ سَعْيًا } . ففعل ذلك ودعاهن ، فسعين على أرجلهن .
ويقال : إنه لما وضعهن على الجبال ، هبت الرياح الأربعة التي تقوم يوم القيامة ؛ فواحدة من قبل المشرق ، والأخرى من قبل المغرب ، وواحدة من قبل اليمين ، والأخرى من قبل الشمال ؛ فرفعت الأعضاء المتفرقة عن مواضعها وحملتها إلى المواضع الأخرى ، حتى اجتمع أعضاء كل طير في موضعها : فجعل إبراهيم ينظر ويتعجب حيث ينضم بعضها إلى بعض . فقال عند ذلك قوله : { واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ } في ملكه ، { حَكِيمٌ } حكم بالبعث ولم أسأله لريب كان في قلبي ، ولكن سألته ليسكن قلبي في الخلة . قرأ ابن كثير { أرْني } بجزم الراء ، وقرأ الباقون بالكسر ؛ وقرأ حمزة { فصرهن } بكسر الصاد ، والباقون بالضم . فمن قرأ بالكسر يعني قطعهن ، ومن قرأ بالضم يعني فضمهن إليك ؛ ويقال هما لغتان ومعناهما وتفسيرهما واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.