قوله عز وجل : { اتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ } يعني : اقرأ عليهم ما أنزل إليك { مّنَ الكتاب } يعني : من القرآن . ويقال : هو أمر بتلاوة القرآن ، يعني : اقرؤوا القرآن ، واعملوا بما فيه . { وأقم الصلاة } يعني : وأتمَّ الصلاة { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } يعني : ما دام العبد يصلي لله عز وجل انتهى عن الفحشاء والمنكر والمعاصي . ويقال : { وأقم الصلاة } يعني : وأدِّ الصلاة الفريضة في مواقيتها بركوعها وسجودها والتضرع بعدها { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء } يعني : إذا صلى العبد لله صلاة خاشع يمنعه من المعاصي ، لأنه يرق قلبه ، فلا يميل إلى المعاصي .
وروى أبو أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاَتُهُ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ لَمْ تَزِدْهُ صَلاتُهُ عِنْدَ الله إلاَّ مَقْتاً » وروي عن الحسن البصري رحمه الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاَتَهُ عَن فَحْشَاءَ وَلاَ مُنْكَرٍ لَمْ يَزْدَدْ بِهَا مِنَ الله إلاَّ بُعْداً » وقال الحسن : إذا لم تنته بصلاتك عن الفحشاء فلست بمُصَلٍ . ثم قال { وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ } يعني : أفضل من سائر العبادات . وروي عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال : قراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من صلاة لا يكون فيها كثير القراءة ، ثم قرأ هذه الآية { اتل مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب وَأَقِمِ الصلاة إِنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر } قال مقاتل : ولذكر الله إياك أفضل من ذكرك إياه بالصلاة ، وقال الكلبي : يقول : ذكره إياكم بالخير أكبر من ذكركم إياه ، والله يذكر من ذكره بالخير .
قال أبو الليث رحمه الله : حدثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدثنا الماسرجسي قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن ربيعة ، قال سألني ابن عباس عن قوله : { وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ } فقلت : هو التسبيح والتهليل والتقديس ، فقال : لقد قلت شيئاً عجيباً ، وإنما هو ذكر الله العباد أكثر من ذكر العباد إياه . وقال قتادة : { وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ } أي : ليس شيء أفضل من ذكر الله . وسئل سلمان الفارسي أي العمل أفضل ؟ قال : ذكر الله . ويقال : ذكر الله أفضل من الاشتغال بغيره . ويقال : ذكر الله حين كتبكم في اللوح المحفوظ من المسلمين أفضل . ويقال : ذكر الله عز وجل لك بالمغفرة أفضل من ذكرك إياه . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مَنْ ذَكَرَ الله فِي نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الله في نَفْسِهِ وَمَنْ ذَكَرَهُ في مَلإٍ ذَكَرَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ في مَلإٍ أَكْبَرَ مِنَ المَلإِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِمْ وَأَطْيَبَ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنَ الله شِبْراً تَقَرَّبَ الله مِنْهُ ذِرَاعاً يعني : بإجابته وتوفيقه ورحمته وَمَنْ تَقَرَّبَ إلى الله تَعَالَى ذِرَاعاً تَقَرَّبَ الله مِنْهُ باعاً ، وَمَنْ أتَى الله مَاشِياً أتاهُ هَرْوَلةً »
ثم قال تعالى : { والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } من الخير والشر فيجازيكم به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.