بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة سبأ مكية وهي خمسون وأربع آيات .

قول الله تعالى : { الحمد للَّهِ الذي لَهُ مَا في السماوات وَمَا فِي الأرض } من الخلق { وَلَهُ الحمد في الآخرة } يعني : يحمده أهل الجنة . ويقال : يحمدونه في ستة مواضع . أحدهما حين نودي { وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون } [ يس : 59 ] فإذا تميز المؤمنون من الكافرين يقولون : { فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفلك فَقُلِ الحمد للَّهِ الذي نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين } [ المؤمنون : 28 ] كما قال نوح عليه السلام حين أنجاه الله عز وجل من قومه . والثاني حين جازوا الصراط قالوا : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } [ فاطر : 34 ] . والثالث لما دنوا إلى باب الجنة ، واغتسلوا بماء الحيوان ، ونظروا إلى الجنة ، وقالوا : { وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذي هَدَانَا لهذا وَمَا كُنَّا لنهتدي لولا أَنْ هَدَانَا الله لَقَدْ جاءت رُسُلُ رَبِّنَا بالحق ونودوا أَن تِلْكُمُ الجنة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 43 ] . والرابع لما دخلوا الجنة استقبلتهم الملائكة عليهم السلام بالتحية فقالوا : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نشاء فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين } [ الزمر : 74 ] الآية . والخامس حين استقروا في منازلهم وقالوا : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } [ فاطر : 34 ، 35 ] . والسادس كلما فرغوا من الطعام قالوا : { الحمد لله رب العالمين } [ الفاتحة : 1 ] . وقال بعضهم : إنها الذي استوجب الحمد في الآخرة كما استوجب الحمد في الدنيا .

ثم قال : { وَهُوَ الحكيم الخبير } حين حكم بالبعث { الخبير } يعني : العليم بهم .