قوله عز وجل : { إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال } قال مجاهد : لما خلق الله عز وجل الأمانة عرضها على السماوات والأرض والجبال { فأبين أن يحملنها } فلما خلق آدم عليه السلام عرض عليه الأمانة فحملها ، فما كان بين أن حملها ، وبين أن أخرج من الجنة ، إلا كما بين الظهر والعصر . وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : { إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة } يعني : " الفرائض على السماوات والأرض والجبال . فقال لهن : يأخذن بما فيها ؟ فقلن : وما فيها يا رب ؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن . وإن أسأتن عوقبتن . فقلن : يا رب إن تعرضها علينا فلا نريد ، وإن أمرتنا بها فنحن نجتهد . وعرضت على الإنسان يعني : آدم عليه السلام فقبلها وحملها " . وقال بعضهم : هذا على وجه المثل إن لم تظهر الخيانة في الأمانة إلا من الإنسان . فلم تظهر من السماوات والأرض والجبال كما قال : { لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرآن على جَبَلٍ } [ الحشر : 21 ] فكأنه يقول : لو عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال لأبين حملها { وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان } يعني : آدم وذريته { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } بالقبول . وروي عن الحسن أنه قال : عرض على السماوات عرض التخيير لا عرض الإيجاب . فلذلك لم تعصِ بترك قبولها ويقال : { عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات } يعني : على ملائكة السماوات والأرض والجبال . كما قال : { واسأل القرية } [ يوسف : 82 ] يعني : أهل القرية . وقال السدي : لما أراد أن يحج ، عرض الأمانة يعني : أمر ولده شِيث وهابيل وقابيل ، فعرض على قابيل : أخد خزائنه ، والائتمار والقيام في شغل الدنيا والعيش حتى يرجع هو من الحج إلى وطنه فقبله ثم خانه فقتل أخاه . وإنما كان عرض آدم بأمر الله تعالى فلذلك قال : { عَرَضْنَا } . وقال بعضهم : إن الله عز وجل لما استخلف آدم على ذريته ، وسلّطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والوحوش والطير ، عهد إليه عهداً أمره فيه ، ونهاه فقبله ، ولم يزل عاملاً به إلى أن حضرته الوفاة ، فسأل ربه أن يعلمه من يستخلف بعده ، ويقلده الأمانة . أن يعرض على السماوات والأرض بالشرط الذي أخذ عليه من الثواب إن أطاع ، ومن العقاب إن عصى { فَأبَيْنَ } أن يقبلنها شفقاً من عذاب الله . فأمره أن يعرض على الأرض والجبال وكلها أبت ، ثم أمره أن يعرض على ولده فعرض عليه ، فقبله بالشرط { إنه كان ظلوماً جهولاً } لعاقبة ما تقلده ، يعني : المتقبل الذي تقبله منه .
وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال : { الأمانة } ثلاث في الصلاة والصيام والجنابة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.