بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

{ وَنُفِخَ في الصور } روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه سُئِلَ عَنِ الصُّورِ فَقَالَ : " هُوَ الْقَرْنُ وَإِنَّ عِظَمَ دَائِرَتِهِ مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ ، فَيَنْفُخُ نَفْخَةً ، فَيُفْزِعُ الخَلْقَ ، ثُمَّ يَنْفُخُ نَفْخَةً أُخْرَى ، فَيَمُوتُ أهْلُ السماوات والأَرْضِ ، فَإذَا كَانَ وَقْتُ النَّفْخَةِ الثَّالِثَةِ ، تَجَمَّعَتِ الأَرْوَاحُ كُلّهَا في الصُّور ، ثُمَّ يَنْفُخُ النَّفْخةَ الثَّالِثَةَ ، فَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ كُلُّها كَالنَّحلِ وَكَالزَّنَابِيرِ ، وَتَأْتِي كُلُّ رُوح إلَى جَسَدِهَا " فذلك قوله تعالى : { فَصَعِقَ مَن في السماوات وَمَن في الأرض } يعني : يموت من في السماوات ، ومن في الأرض ، { إِلاَّ مَن شَاء الله } يعني : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت . ويقال : أرواح الشهداء . وروي عن سعيد بن جبير أنه قال : استثنى الله تعالى الشهداء حول العرش متقلدين بسيوفهم » . وقال بعضهم : النفخة نفختان . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يُنْفَخُ فِي الصُّور ثَلاَثُ نَفَخَاتٍ : الأُوْلَى نَفْخَةُ الفَزَعِ ؛ والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعقِ ، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ العَالَمِينِ " وهو قوله : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أي : ينظرون ماذا يأمرهم . ويقال : ينظرون إلى السماء كيف غيرت ، وينظرون إلى الأرض كيف بدلت ، وينظرون إلى الداعي كيف يدعوهم إلى الحساب ، وينظرون فيما عملوا في الدنيا ، وينظرون إلى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم ، واشتغلوا بأنفسهم ، وينظرون إلى خصمائهم ماذا يفعلون بهم .