بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشۡهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيۡكَۖ أَنزَلَهُۥ بِعِلۡمِهِۦۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَشۡهَدُونَۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدًا} (166)

قوله تعالى : { لكن الله يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ } قال ابن عباس : وذلك أن رؤساء مكة أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا سألنا اليهود عن صفتك ونعتك ، فزعموا أنهم لا يعرفونك في كتابهم ، فأتِنا بمن يشهد لك بأنك نبي مبعوث فنزل : { لكن الله يَشْهَدُ } يعني إن لم يشهد لك أحد منهم ، فالله تعالى أعظم شهادة من خلقه ، هو يشهد لك بأنك نبيّ ويظهر نبوتك . قال القتبي : هذا من الاختصار لأنه لما نزل { إنا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كما أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ والنبيين مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ والأسباط وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وهارون وسليمان وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } [ النساء : 163 ] قال المشركون : لا نشهد لك بهذا فمن يشهد لك ؟ فنزلت هذه الآية حكاية قولهم . فقال تعالى { لكن الله يَشْهَدُ } { بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ } لأن كلمة { لكن } إنما تجيء بعد نفي شيء ، فوجب ذلك الشيء بها .

ثم قال تعالى : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } أي بأمره . ويقال : أنزل القرآن الذي فيه علمه . ثم قال تعالى : { والملائكة يَشْهَدُونَ } أيضاً على شهادتك بالذي شهدت أنه الحق { وكفى بالله شَهِيداً } فلا أحد أفضل من الله تعالى ، شهادة بأنه أنزل عليك القرآن .