بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا} (172)

قوله تعالى :

{ لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله } يعني : لن يتعظم ولن يأنف ولن يتكبر . ويقال : لن يحتشم أن يكون عبداً لله . ويقال : إن وفد نجران أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وناظروه في أمر عيسى عليه السلام ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : كان عبد الله ورسوله ، فقالوا : لا تقل هكذا فإن عيسى يأنف عن هذا القول ، فنزل تكذيباً لقولهم { لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ } يعني كان عيسى مقرّاً بالعبودية . ثم قال تعالى : { وَلاَ الملائكة المقربون } يعني حملة العرش لن يأنفوا عن الإقرار بالعبودية . وقال مقاتل : الملائكة المقربون أقرب إليه ، فلم يأنفوا عن عبادته فكيف يأنف عيسى عليه السلام وهو عبد من عباده ؟

ثم قال تعالى : { وَمَن يَسْتَنْكِفْ } أي يتعظم { عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ } والاستكبار هو الاستنكاف ، يقال : استنكف واستكبر يعني استكبر عن طاعته { فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } يأمر بهم إلى النار .