قوله : ( يَأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ . . . ) الآية [ 172 ] .
معنى ( وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ ) : أي : آلهتنا( {[14132]} ) ثلاثة .
( انْتَهُوا خَيْراً( {[14133]} ) لَّكُمُ )( {[14134]} ) نصب ( خَيْراً ) عند سيبويه على إضمار فعل دل عليه الكلام( {[14135]} ) لأنه أمرهم بالانتهاء عن الكفر والدخول في الإيمان( {[14136]} ) ، فالمعنى : وأتوا خيراً لكم . قال : لأنك إذا قلت أنتم فأنت تخرجه من شيء ، وتدخله في آخر ، ومثله عنده .
قواعد من( {[14137]} ) سر حتى ملك( {[14138]} ) أو الربا بينهما( {[14139]} ) أسهلا( {[14140]} )
ومذهب أبي عبيدة أنه خبر كان ، والتقدير يكن خيراً لكم( {[14141]} ) ، ورد ذلك المبرد لأنه يضمر الشرط وإضماره لا يحسن( {[14142]} ) .
ومذهب الفراء أنه نعت لمصدر محذوف كأنه قال : انتهوا انتهاء خيراً لكم( {[14143]} ) .
قوله : ( سُبْحَانَهُ ) انتصب( {[14144]} ) انتصاب المصدر .
و( أَنْ يَّكُونَ ) إن في موضع [ نصب ]( {[14145]} ) بحذف الخافض المحذوف ، [ والتقدير على أن يكون( {[14146]} ) ، وقد قيل( {[14147]} ) : في موضع خفض بإعمال الخافض المحذوف ]( {[14148]} ) .
ومعنى الآية : أنها خطاب للنصارى( {[14149]} ) .
فمعنى : ( لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) أي : " لا تجاوزوا الحق في دينكم .
( وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ [ إِلاَّ الحَقَّ ]( {[14150]} ) ) أي : لا تقولوا في عيسى إلا الحق فإن قولكم في عيسى غير الحق إذ تقولون إنه : ابن الله ، فهذا قولهم على الله غير الحق .
و( المَسِيحُ ) فعيل بمعنى مفعول بمعنى ممسوح وسمي بذلك لأن الله مسحه من الذنوب والأدناس( {[14151]} ) .
وقد قيل : إنها لفظة أعجمية أصلها مشيحا فأعرب فقيل المسيح ، وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع بأشبع من هذا التفسير( {[14152]} ) .
ومعنى : ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ) الكلمة هنا الرسالة التي أمر الله ملائكته أن تأتي بها مريم مبشرة من الله لها( {[14153]} ) التي ذكرها الله في آل عمران .
قال قتادة : كلمته [ قوله ]( {[14154]} ) ( كُنْ فَيَكُونُ )( {[14155]} ) .
ومعنى : ( أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ) أعلمها بها وأخبرها ، كما تقول : ألقيت إليك كلمة حسنة ، بمعنى أعلمتك ، بها .
ومعنى : ( وَرُوحٌ مِّنْهُ ) أي : ونفخ منه ، وذلك أنه حدث عيسى في بطن أمه بأمر الله ، وتقديره من غير ذكر من نفخة جبريل عليه السلام في درع مريم بأمر الله إياه ، فنسبه تعالى إليه لأنه عن أمره كان( {[14156]} ) .
وسمي النفخ روحاً : لأنه ريح تخرج من الروح .
وقيل : معنى : ( وَرُوحٌ مِّنْهُ ) : أنه كان بإحياء الله إياه بقوله ( كُن ) فمعناه وحياة منه( {[14157]} ) .
وقيل : معنى : ( وَرُوحٌ مِّنْهُ ) ورحمة منه كما قال ( وَأَيَّدَهُمْ برُوحٍ مِّنْهُ )( {[14158]} ) فمعنى برحمة منه أي جعله رحمة لمن تبعه وصدقه .
كما قال : ( وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً( {[14159]} ) مِّنَّا )( {[14160]} ) .
وقال أُبي بن كعب [ في قوله ]( {[14161]} ) ( وَإِذَاَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ )( {[14162]} ) الآية .
قال : أخذهم فجعلهم أرواحاً ، ثم صورهم ثم ، استنطقهم ، فكان روح عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد ، والميثاق فأرسل تلك الروح إلى مريم ، فدخل في فيها فحملت فهو قوله ( وَرُوحٌ مِّنْهُ )( {[14163]} ) .
وقيل : الروح في الآية معطوف على المضمر في ( أَلْقَاهَا ) والمضمر اسم الله ، والروح اسم جبريل كان تقديره : ألقى الله وجبريل الكلمة إلى مريم ، كما قال :
( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَمِينُ )( {[14164]} ) وهو جبريل عليه السلام( {[14165]} ) .
وقيل معنى : ( وَرُوحٌ مِّنْهُ ) وبرهان منه لمن اتبعه ، وذلك ما أنزل عليه من كتابه ، وسمي البرهان روحاً ، لأنه يحيى به من قبله( {[14166]} ) .
قوله : ( لَّنْ يَّسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ . . . ) الآية [ 172-173 ] .
( أَنْ ) في موضع نصب ، أي : من إن ، أو : عن إن( {[14167]} ) .
والمعنى : ( لَّنْ يَّسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ ) و( لاَ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ) أن يقروا بالعبودية لله والإذعان له( {[14168]} ) .
و( الْمُقَرَّبُونَ ) هم من قرب منهم من الله في المنزلة لا قرب المسافة .
وقيل : هم من قرب منهم من السماء السابعة قاله الضحاك( {[14169]} ) .
وفي هذا اللفظ دليل على فضل الملائكة على بني آدم .
ومعنى : ( لَّنْ يَّسْتَنْكِفَ ) لن يتعظم( {[14170]} ) ويستكبر .
( وَمَنْ يَّسْتَنْكِفْ ) أي يتعظم( {[14171]} ) من عبادته ويستكبر عنها .
( فَسَيَحْشُرُهُمُ إِلَيْهِ جَمِيعاً ) أي يبعثهم ، فأما المؤمنون وهم المقرون بالوحدانية ( لِيُوَفِّيَهُمُ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ ) [ بعد ذلك ]( {[14172]} ) تفضلاً منه . [ وذلك أنه تعالى [ وعد ]( {[14173]} ) المؤمنين للحسنة عشر أمثالها ، ثم يزيدهم تفضلاً منه ]( {[14174]} ) ما شاء غير محدود( {[14175]} ) .
وقيل : الزيادة إلى سبعمائة ضعف ، وقيل إلى ألفين( {[14176]} ) .
قوله : ( وَأَمَّا الذِينَ اسْتَكنكَفُوا )( {[14177]} ) أي " تعظموا عن عبادته " ( وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً اَلِيماً ) أي مؤلماً .
( وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ) أي : يستنقذهم من عذاب الله( {[14178]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.