جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَّن يَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبۡدٗا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن يَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيَسۡتَكۡبِرۡ فَسَيَحۡشُرُهُمۡ إِلَيۡهِ جَمِيعٗا} (172)

{ لن يستنكف{[1177]} المسيح } لن يأنف من { أن يكون عبدا لله } فإن عبوديته شرف ، قيل : نزلت حين ( قال وفد نجران لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تعيب عيسى تقول : إنه عبد الله ؟ قال : إنه ليس بعار أن يكون عبدا لله قالوا بلى ) { ولا الملائكة المُقرّبون{[1178]} } عطف على المسيح أي لا يستنكفون مع أن ما بعثكم في دعوى الإلهية لعيسى أقوى وأشد{[1179]} فيهم لا أب ولا أم لهم ولا قوة لا تفيء بها طاقة البشر كقلع الجبال والتصرف في الأهوال والأحوال وهم مع ذلك لا يستنكفون { ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر } الاستنكاف تكبر مع أنفة والاستكبار بدونه { فسيحشرهم إليه جميعا } مجازاة .


[1177]:أصله من نكفت الدمع: إذا نحيته عن خدك بأصبعك كي لا يرى أثره عليك/12 وجيز.
[1178]:قد استدل بهذا القائلون بتفضيل الملائكة على الأنبياء وقرر صاحب الكشاف وجه الدلالة بما لا يسمن ولا يغني من جوع، وادعى أن الذوق قاض بذلك، ونعم الذوق العربي إذا خالطه محبة المذهب وشابه شوائب الجمود كان هكذا أو كل من يفهم لغة العرب يعلم أن من قال لا يأنف من هذه المقالة إمام ولا مأموم ولا كبير ولا صغير ولا جليل ولا حقير، لم يدل هذا على أن المعطوف أعظم شأنا من المعطوف عليه، وعلى كل حال فما أبرد الاشتغال بهذه المسألة، وما أقل فائدتها وما أبعدها عن أن يكون مركزا من مراكز الدينية وجسرا من الجسور الشرعية.
[1179]:هذه الآية على ما قدرنا وفسرنا لا تدل على تفضيل الملك نعم تدل على كثرة قوتهم وغلبتهم/12 منه.