بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ} (15)

ثم قال عز وجل :

{ يَا أهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } يعني ؛ محمد صلى الله عليه وسلم { يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيراً مّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكتاب } يعني : يكتمون ما بين في التوراة ، وذلك أنهم كتموا آية الرجم وتحريم الخمر وأكل الربا ونعت محمد صلى الله عليه وسلم { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } يعني يتجاوز عن كثير ولا يخبركم به ، وذكر أن رجلاً من أحبارهم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله فقال : ما هذا الذي عفوت عنا ؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين ، وإنما أراد اليهودي أن يظهر مناقضة كلامه أنه لم يترك شيئاً ، وقد بينه كله ، فلما لم يبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من عنده وذهب ، وقال لأصحابه : أرى أنه صادق فيما يقول ، لأنه كان وجد في كتابه أنه لا يبين له ما سأله .

ثم قال تعالى : { قَدْ جَاءكُمْ مّنَ الله نُورٌ } يعني ؛ ضياء من الضلالة ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، والنور هو الذي يبين الأشياء ويري الأبصار حقيقتها ، فيسمى القرآن نوراً لأنه يقع في القلوب مثل النور ، لأنه إذا وقع في قلبه يبصر به . ثم قال : { وكتاب مُّبِينٌ } يعني القرآن يبين لكم الحق من الباطل .