بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{مَّا ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُۥ صِدِّيقَةٞۖ كَانَا يَأۡكُلَانِ ٱلطَّعَامَۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ ٱنظُرۡ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (75)

ثم بيّن الله تعالى أن المسيح عبده ورسوله ، وبيّن الحجة في ذلك ، فقال :

{ مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلاَّ رَسُولٌ } يعني : هو رسول كسائر الرسل ، { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل } وهو من جماعة الرسل ، { وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ } شبه النبيين ، وذلك حين صدقت جبريل حين قال لها : { قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأهَبَ لَكِ غلاما زَكِيّاً } [ مريم : 19 ] والصديق في اللغة هو المبالغ في التصديق . وقال في آية أخرى : { وصدقت بكلمات ربها }[ التحريم :12 ] يعني : المسيح وأمه كانا يأكلان ويشربان . ومن أكل وشرب ، تكون حياته بالحيلة ، والرب : لا يأكل ولا يشرب . ويقال : { كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام } كناية عن قضاء الحاجة . لأن الذي يأكل الطعام . فله قضاء الحاجة . ومن كان هكذا لا يصلح أن يكون ربّاً .

ثم قال : { انظر كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ الآيات } يعني : العلامات في عيسى ومريم أنهما لو كانا إلهين ما أكلا الطعام ، { ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ } يقول : من أين يكذبون بإنكارهم بأني واحد . وقال القتبي : { أنى يُؤْفَكُونَ } يعني : أنى يصرفون عن الحق ويعدلون عنه . يقال : أفك الرجل عن كذا ، إذا عدل عنه .