بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

قوله تعالى :

{ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن } يعني : وضعوا لله شركاء . وقال مقاتل : وذلك أن بني جهينة قالوا : إن صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن بنات الرحمن وذلك قوله : { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن } . وقال الكلبي : { وجعلوا لله شركاء الجن } ، نزلت هذه الآية في الزنادقة ، قالوا : إن الله تعالى وإبليس لعنه الله ولعنهم أخوان . قالوا : إن الله تعالى خالق الناس والدواب ، وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب كقوله : { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [ الصافات : 158 ] قال الزجاج : معناه أطاعوا الجن فيما سوّلت لهم من شركهم ، فجعلوهم شركاء الله وهذا قريب مما قاله الكلبي . ثم قال : { وَخَلَقَهُمْ } يعني : جعلوا لله الذي خلقهم شركاء ، ويقال : { وخلقهم } يعني خلق الجن ، ويقال : وخلقهم يعني : الذين تكلموا به { وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ } يعني : وصفوا له بنين وبنات . { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعني : بلا علم يعلمونه ، ويقال بلا حجة وبيان . وروى عبد الله بن موسى عن جويرية قال : سمعت رجلاً سأل الحسن عن قوله : { وَخَرَقُواْ لَهُ } قال : كلمة عربية كانت العرب تقولها ، كان الرجل إذا كذب كذبة في نادي القوم يقول بعض القوم : خرقها . ثم نزّه نفسه فقال : { سبحانه } يعني : تنزيهاً له . { وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ } يعني : هو أعلى وأجل مما يصف الكفار بأن له ولداً . قرأ نافع { وَخَرَقُواْ } بالتشديد على معنى المبالغة .