بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ قَالَ عَذَابِيٓ أُصِيبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَآءُۖ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيۡءٖۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤۡمِنُونَ} (156)

قوله تعالى :

{ واكتب لَنَا فِي هذه الدنيا حَسَنَةً } يعني : اقض لنا وأعطنا في الدنيا العلم والعبادة والنصرة والرزق الحسن الحلال { وَفِي الآخرة حسنة } يعني : وأعطنا في الآخرة حسنة وهي الجنة { إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ } يعني : تبنا إليك وأقبلنا إليك هكذا قال عكرمة ومجاهد وعطاء وقتادة . وأصله في اللغة الرجوع من الشيء إلى الشيء { قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء } يعني : هذا عذابي أخصّ به من أشاء من العباد من كان أهلاً لذلك { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء } إنْ رحمتهم ويقال : إن الزلزلة والرجفة كانتا عذابي ، وأنا أنزلتها ، وأنا أصيب بالعذاب من أشاء ، وما سألت من الغفران فمن رحمتي ورحمتي وسعت كل شيء من كان أهلاً لها . ويقال : لكل شيء حظ من رحمتي . وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن قتادة والحسن قالا : ورحمتي التي وسعت كل شيء يعني : وسعت في الدنيا البر والفاجر وفي يوم القيامة للذين اتقوا خاصة . ويقال : لما نزلت هذه الآية { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء } تطاول إبليس ، وقال : أنا من تلك الأشياء فأكذبه الله تعالى وآيسه فأنزل قوله { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } يعني : فسأقضيها وسأوجهها للذين يتقون الشرك { وَيُؤْتُونَ الزكاة والذين هُم بآياتنا يُؤْمِنُونَ } فقالت اليهود والنصارى : نحن آمنا بالآيات ، وهي التوراة والإنجيل ، ونعطي الزكاة فهذه الرحمة لنا فأكذبهم الله تعالى وأنزل { الذين يَتَّبِعُونَ الرسول النبي الأمي } الآية ويقال { ورحمتي وسعت كل شيء } يعني : طمع كل قوم برحمتي ، وأنا أوجبتها للمؤمنين وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يتقون الشرك ، { ويؤتون الزكاة } { والذين هم بآياتنا يؤمنون } ، يعني : يصدقون بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن .