{ وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله } . قرأ عاصم والكسائي { عُزَيْرٌ } بالتنوين ، وقرأ الباقون بغير تنوين فمن قرأ بالتنوين ، لأن الابن خبر وليس بنسبة ، ومن قرأ بغير التنوين فلالتقاء الساكنين ؛ كما قرأ بعضهم { قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ] بغير تنوين . فلا اختلاف بين النحويين أن إثبات التنوين أجود من طريق أهل اللغة ، وإنما قالت اليهود ، لأنه لما خرب بُخْتُنَصَّر بيت المقدس وأحرق التوراة ، حزنوا على ذهاب التوراة ، فأملاها عليهم عزير صلوات الله عليه عن ظهر قلبه فتعلموها وفي أنفسهم منها شيء ، مخافة أن يكون قد زاد فيها أو نقص منها شيئاً ؛ فبينما هم كذلك ، إذ وقعوا على جراب مدفونة في قرية فيها التوراة ، فعارضوا بها على ما كتبوا من عزير عليه السلام فلم يزد شيئاً ولم ينقص حرفاً ، فقالوا عند ذلك : ما علم عزير هذا ، إلا وهو ابن الله .
{ وَقَالَتِ النصارى المسيح ابن الله } ؛ وإنما قالوا ذلك ، لأن المسيح كان يبرىء الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله تعالى ؛ فقالوا : لم يكن يفعل هذا إلا وهو ابن الله . ويقال : إنّ الإفراط في كل شيء مذموم ، لأن النصارى أفرطوا في حب عيسى عليه السلام تغالوا ، وقالوا فيه ما قالوا حتى كفروا بسبب ذلك ؛ واليهود أفرطوا بحب عزير ، وقالوا فيه ما قالوا حتى كفروا ؛ كما أفرطت الروافض في حب عليّ حتى أبغضوا غيره وروي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما .
ثم قال تعالى : { ذلك قَوْلُهُم بأفواههم } ، يعني : { ذلك } كذبهم بألسنتهم ، ويقال : معناه يقولون بأفواههم قولاً بلا فائدة ، ولا برهان ، ولا معنى صحيح تحته . ثم قال : { يضاهئون قَوْلَ الذين كَفَرُواْ } ؛ يعني : يوافقون قول الذين كفروا { مِن قَبْلُ } ، حين قالوا : الملائكة بنات الله . وقال قتادة : يشبهون قول الذين كفروا ، يعني : إنّ قول اليهود يوافق قول النصارى ، وقول النصارى يوافق قول اليهود ؛ ويقال : يتشابهون في قولهم هذا من تقدم من كفر منهم ، يعني : إنما قالوا اتباعاً لهم بدليل قوله تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم } . قرأ عاصم { يضاهئون } بكسر الهاء مع الهمزة ، وهي لغة لبعض العرب ؛ وقرأ الباقون بالسكون بغير همزة وهي اللغة المعروفة ؛ وقال القتبي : { يضاهون } يعني : يشبهون ، يعني : قول من كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قول أوليهم الذين كانوا قبلهم .
ثم قال : { قاتلهم الله } ، يعني : لعنهم الله . { أنى يُؤْفَكُونَ } ، يعني : من أين يكذبون بتوحيد الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.