( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ) أي يحلفون والمصدر إيلاء وألية وألوة ، وقرأ ابن عباس للذين الو يقال الئ يولي ايلاء ويأتلي بالتاء ائتلاء أي حلف ، ومنه ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم ) والإيلاء حقه أن يستعمل بعلى ، استعماله بمن لتضمنه معنى البعد أي يحلفون متباعدين من نسائهم .
وقد اختلف أهل العلم في الإيلاء فقال الجمهور إن الإيلاء هو أن يحلف أن لا يطأ امرأته أكثر من أربعة أشهر ، فإن حلف على أربعة أشهر فما دونها لم يكن موليا ، وكانت عندهم يمينا محضا ، وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور ، وقال الثوري والكوفيون : الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدا وهو قول عطاء .
وروي عن ابن عباس أنه لا يكون موليا حتى يحلف أن لا يمسها أبدا وقالت طائفة : إذا حلف أن لا يقرب امرأته يوما أو أقل أو أكثر ثم لم يطأها أربعة أشهر بانت منه بالإيلاء ، وبه قال ابن مسعود و النخعي وابن أبي ليلى والحكم وحماد بن سليمان وقتادة واسحق .
قال ابن المنذر : وأنكر هذا القول كثير من أهل العلم .
وقوله ( من نسائهم ) يشمل الحرائر والإماء إذا كن زوجات وكذلك يدخل تحت قوله ( للذين يؤلون ) العبد إذا حلف من زوجته ، وبه قال أحمد والشافعي وأبو ثور قالوا وايلاؤه كالحر ، وقال مالك والزهري وعطاء وأبو حنيفة وإسحق : إن أجله شهران ، وقال الشعبي : إيلاء الأمة نصف إيلاء الحرة ، والتربص التأني والتأخر .
وإنما وقت الله سبحانه بهذه المدة دفعا للضرار عن الزوجة ، وقد كان أهل الجاهلية يؤلون السنة والسنتين وأكثر من ذلك ضرار النساء ، وقد قيل إن الأربعة الأشهر هي التي لا تطيق المرأة الصبر عن زوجها زيادة عليها ( القرطبي 3/108 . ) .
( فإن فاءوا ) أي رجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء ، ومنه ( حتى تفئ إلى أمر الله ) أي ترجع ، ومنه قيل للظل بعد الزوال ( فئ ) لأنه رجع عن جانب المشرق إلى جانب المغرب ، يقال فاء يفئ فيئة وفيئا ، وأنه سريع الفيئة أي الرجعة ، وللسلف في الفئ أقوال مختلفة فينبغي الرجوع إلى معنى الفئ وقد بيناه .
قال ابن المنذر : وأجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن الفيء الجماع لمن لا عذر له ، فإن كان له عذر مرض أو سجن فهي امرأته ، فإذا زال العذر فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت ، قاله مالك .
وقالت طائفة : إذا أشهد على فيئه بقلبه في حال العذر أجزأه ، وبه قال الحسن وعكرمة والنخعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل .
وقد أوجب الجمهور على المولى إذا فاء بجماع امرأته الكفارة ، وقال الحسن والنخعي : لا كفارة عليه ، وللصحابة والتابعين في هذا أقوال مختلفة متناقضة ، والمتعين الرجوع إلى ما في الآية الكريمة وهو ما عرفناك واشدد عليه يديك ( فإن الله غفور ) للزوج إذا تاب من إضراره بامرأته ( رحيم ) لكل التائبين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.