فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ} (107)

{ وما أرسلناك } يا محمد بالشرائع والأحكام { إلا رحمة للعالمين } أي الإنس والجن ، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال ؛ والعلل أي : ما أرسلناك لعلة من العلل إلا لرحمتنا الواسعة ، فإن ما بعثت به سبب لسعادة الدارين ، وقيل معنى كونه رحمة للكفار أنهم آمنوا به من الخسف والمسخ والاستئصال ، وقيل المراد بالعالمين المؤمنون خاصة ، والأول أولى ، بدليل قوله سبحانه : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم .

وعن ابن عباس في الآية قال : من آمن تمت به الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من المسخ ، والخسف والقذف .

وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول الله ادع الله على المشركين ، قال : ( إني لم أبعث لعانا ، وإنما بعثت رحمة ) {[1219]}وأخرج أحمد والطيالسي والطبراني وأبو نعيم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين ) {[1220]} .

وأخرج أحمد والطبراني عن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي أو لعنته لعنة ، فإنما أنا رجل من بني آدم أغضب كما يغضبون ، وإنما بعثني رحمة للعالمين ، فأجعلها عليه صلاة يوم القيامة ) {[1221]} .

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا رحمة مهداة ) {[1222]} وقد روي معنى هذا من طرق ،


[1219]:مسلم2599.
[1220]:الإمام أحمد 5/265.
[1221]:الإمام أحمد 5/294.
[1222]:طبقات ابن سعد 1/192- الطبراني المعجم الكبير.1/76/2.