فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّـٰلِحُونَ} (105)

{ ولقد كتبنا في الزبور } هو الأصل الكتاب ، يقال زبرت أي كتبت وعلى هذا يصح إطلاق الزبور على التوراة والإنجيل ، وعلى كتاب داوود المسمى بالزبور ، والمراد جنس الكتب المنزلة ، قاله الزجاج .

وقيل المراد به هنا كتاب داود خاصة { من بعد الذكر } أي اللوح المحفوظ كما في البيضاوي والخازن وأبي السعود وأبي حيان .

وقيل هو القرآن قاله ابن عباس ، وعنه قال : والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء أي والله لقد كتبنا في كتاب داوود من بعد كتبنا في التوراة أو من بعد كتبنا في اللوح المحفوظ .

{ أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } قد اختلف في معنى هذه الآية فقيل المراد أرض الجنة ، قاله ابن عباس ، واستدل القائلون بهذا بقوله سبحانه : { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض } ، وقيل هي الأرض المقدسة ، وقيل هي أرض الأمم الكثيرة الكافرة ، يرثها نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته بفتحها ، وقيل المراد بذلك بنو إسرائيل بدليل قوله سبحانه : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها } .

والظاهر أن هذا تبشير لأمته صلى الله عليه وسلم بوراثة أرض الكافرين ، وعليه أكثر المفسرين .

قال ابن عباس : أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السماوات والأرض أن يورث أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويدخلهم الجنة وهم الصالحون ، وقيل عام في كل صالح فيتناول أمة محمد صلى الله عليه وسلم وغيرها من الأمم .