فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِۦ فَمَاذَا تَأۡمُرُونَ} (35)

قال على سبيل التنفير : { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ } لئلا يقبلوا قول موسى عليه الصلاة والسلام .

{ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } أي ما رأيكم فيه ؟ وما مشورتكم في مثله ؟ فأظهر لهم الميل إلى ما يقولونه تألفا لهم ، واستجلابا لمودتهم ، لأنه قد أشرف ما كان فيه من دعوى الربوبية على الزوال ، وقارب ما كان يعزز به عليهم الاضمحلال ، وإلا فهو أكبر تيها ، وأعظم كبرا ، من أن يخاطبهم مثل هذه المخاطبة ، المشعرة بأنه فرد من أفرادهم ، وواحد منهم ، مع كونه قبل هذا الوقت يدعي أنه إلههم ، ويذعنون له بذلك ويصدقونه في دعواه .

قال أبو السعود : بهره سلطان المعجزة ، وحيره حتى حطه عن ذروة ادعاء الربوبية إلى حضيض الخضوع لعبيده في زعمه ، والامتثال بأمرهم ، أو إلى مقام مؤامرتهم ومشاورتهم ، بعدما كان مستقلا بالرأي والتدبير ، وإظهر استشعار الخوف من استيلائه على ملكه ، ونسبة الأخراج والأرض إليهم لتنفيرهم عن موسى عليه السلام .