فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتِلۡكَ نِعۡمَةٞ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنۡ عَبَّدتَّ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (22)

{ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ } قيل هذا الكلام من موسى على جهة الإقرار بالنعمة كأنه قال نعم تلك التربية نعمة تمن بها علي ، ولكن لا يدفع ذلك رسالتي ، وبهذا قال الفراء وابن جرير .

وقيل : هو من موسى على جهة الإنكار أي أتمن علي بأن ربيتني وليدا ، وأنت قد استعبدت بني إسرائيل وقتلتهم ، وهم قومي قال الزجاج : المفسرون هذا على جهة الإنكار لأن يكون ما ذكر فرعون نعمة على موسى ، واللفظ لفظ خبر ، وفيه تبكيت للمخاطب على معنى أنك لو كنت لا تقتل أبناء بني إسرائيل لكانت أمي مستغنية عن قذفي في البحر ، فكأنك تمن على ما كان بلاؤك سببا له ، وذكر نحوه الأزهري بأبسط منه .

وقال المبرد : يقول . التربية كانت بالسبب الذي ذكرت من التعبد ، أي : تربيتك إياي كانت لأجل التملك والقهر لقومي . قيل : إن في الكلام تقدير الاستفهام ، أي : أو تلك نعمة ؟ قاله الأخفش وأنكره النحاس قال الفراء : ومن قال : إن الكلام إنكار قال : أو تلك نعمة ؟ أي ليست هذه نعمة حتى تمن بها علي .

ومعنى { أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ } أن اتخذتهم عبيدا ، يقال عبدته وأعبدته بمعنى كذا قال الفراء ، ومحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من نعمة ، والجر بإضمار الباء ، والنصب بحذفها ، وعن مجاهد قالك عبدت بني إسرائيل وقهرتهم واستعملتهم . وفيه أوجه سبعة ذكرها السمين .