فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةٗ فَظَلَّتۡ أَعۡنَٰقُهُمۡ لَهَا خَٰضِعِينَ} (4)

{ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً } مستأنفة مسوقة لتعليل ما سبق من التسلية ، والمعنى ننزل آية تلجئهم إلى الإيمان ولكن قد سبق القضاء بأنا لا ننزل ذلك ، وتقديم الظرفين على المفعول الصريح للاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر .

{ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } أي أنهم صاروا منقادين لها أي فتظل أعناقهم ، قيل : وأصله فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت ( الأعناق ) للتقرير والتصوير ، لأن الأعناق موضع الخضوع . وقيل : إنها لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجريت مجراهم ، ووصفت بما يوصفون به .

قال عيسى بن عمر : وخاضعين وخاضعة سواء واختاره المبرد ، والمعنى أنها إذا ذلت رقابهم ذلوا ، فالإخبار عن الرقاب إخبار عن أصحابها ، ويسوغ في كلام العرب أن يترك الخبر عن الأول ويخبر عن الثاني .

وقال أبو عبيد والكسائي : إن المعنى خاضعيها هم وضعفه النحاس . وقال مجاهد : أعناقهم كبراؤهم . قال النحاس : وهذا معروف في اللغة ، يقال جاءني عنق من الناس ، أي : رؤساء منهم وقال أبو زيد ، والأخفش : أعناقهم جماعاتهم ، يقال : جاءني عنق منهم أي : جماعة ، وقال ابن عباس : خاضعين ذليلين .