فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُم بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمۡ عِندَنَا زُلۡفَىٰٓ إِلَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَزَآءُ ٱلضِّعۡفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ} (37)

{ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى } كلام مستأنف من جهته تعالى خوطب به الناس بطريق التلوين والالتفات مبالغة في تحقيق الحق وتقرير ما سبق ، والمعنى : ليسوا بالخصلة التي تقربكم عندنا قربى قال مجاهد : الزلفى : القربى ، والزلفة القربة ، قال الأخفش : زلفى اسم مصدر كأنه قال : بالتي تقربكم عندنا تقريبا ، قال الفراء : إن التي تكون للأموال والأولاد جميعا وهو الصحيح ، وقيل : المعنى وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي الخ وذلك أن الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث ، وقال الزجاج : إن المعنى وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ، ثم حذف الخبر الأول لدلالة الثاني عليه ، ويجوز في غير القرآن باللتين وباللاتي وباللواتي وبالذي للأولاد خاصة أي لا تزيدكم الأموال والأولاد عندنا درجة ورفعة ، ولا تقربكم تقريبا .

{ إِلا مَنْ آمَنَ } هو استثناء منقطع أي لكن من آمن { وَعَمِلَ } عملا { صَالِحًا } وقيل : إنه متصل على أن يجعل الخطاب عاما للكفرة والمؤمنين على أنه ابتداء كلام لا مقول لهم .

{ فَأُوْلَئِكَ } إشارة إلى من والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في الفعلين باعتبار لفظها { لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ } أي جزاء الزيادة وهي المرادة بقوله : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول أي جزاء التضعيف للحسنات ، وقيل : لهم جزاء الأضعاف لأن الضعف في معنى الجمع أو من إضافة الموصوف إلى صفته . أي لهم الجزاء المضاعف قال مجاهد : أي تضعيف الحسنة ، وعن محمد بن كعب قال : إذا كان الرجل غنيا تقيا آتاه الله أجره مرتين وتلا هذه الآية إلى قوله { فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ } ، وقال تضعيف الحسنة .

{ بِمَا عَمِلُوا } الباء للسببية { وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ } أي غرفات الجنة ، قرئ : بالجمع لقوله : { لنبوئنهم من الجنة غرفا } وفي قراءة سبعية بالإفراد ، بمعنى الجمع حملا لأل على أنها جنسية لقوله { أولئك يجزون الغرفة } .

{ آمِنُونَ } من كل هائل وشاغل وسائر المكاره ، ومن جميع ما يكرهون ، ثم لما ذكر سبحانه حال المؤمنين ذكر حال الكافرين فقال : { وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا }