فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا} (145)

{ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ( 145 ) إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ( 146 ) }

{ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } أي في الطبق الذي في قعر جهنم ، قرئ الدرك بسكون الراء وتحريكها ، قال أبو علي : هما لغتان والجمع أدراك وقيل الجمع بين المحرك أدراك مثل جمل وأجمال ، وجمع الساكن أدرك مثل فلس وأفلس ، قال النحاس : والتحريك أفصح .

والدرك الطبقة والنار دركات سبع بعضها فوق بعض ، وسميت طبقاتها دركات لأنها متداركة متتابعة ، فالمنافق في الدرك الأسفل منها وهي الهاوية لغلظ كفره وكثرة غوائله ، وأعلى الدركات جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية ، وقد يسمى جميعها باسم الطبقة العليا أعاذنا الله من عذابها .

وقيل الدرك بيت مقفل عليهم تتوقد فيه النار من فوقهم ومن تحتهم ، وإنما كان المنافق أشد عذابا من الكافر لأنه أمن السيف في الدنيا فاستحق الدرك الأسفل في الآخرة تعديلا ، ولأنه مثله في الكفر وضم إلى كفره الاستهزاء بالإسلام وأهله .

قال ابن مسعود : الدرك الأسفل توابيت من حديد مقفلة عليهم ، وفي لفظ مبهمة عليهم ، أي مغلقة لا يهتدي لمكان فتحها ، وعن أبي هريرة نحوه{[561]} .

{ ولن تجد لهم نصيرا } يخلصهم من ذلك الدرك ،


[561]:زاد المسير234.