{ لا يحب الله } نفي الحب كناية عن البغض أي يبغض { الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } قرئ على البناء للمجهول وعلى البناء للمعلوم ، واختلف أهل العلم في كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم فقيل هو أن يدعو على من ظلمه ، وقيل لا بأس بأن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه بأن يقول فلان ظلمني أو هو ظالم أو نحو ذلك ، وقيل معناه إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح له ، والآية على هذا في الإكراه وكذا قال قطرب .
والظاهر من الآية أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه ، ويؤيده الحديث الثابت في الصحيح بلفظ ( لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ) .
وأما على القراءة الثانية فالاستثناء منقطع أي إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له .
وقال قوم معنى الكلام لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول ، لكن من ظلم فإنه يجهر بالسوء ظلما وعدوانا وهو ظالم في ذلك ، وهذا شأن كثير من الظلمة فإنهم مع ظلمهم يستطيلون بألسنتهم على من ظلموه وينالون من عرضه .
وقال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى إلا من ظلم فقال سوءا فإنه ينبغي أن يأخذوا على يديه ، وعن ابن عباس قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو على من ظلمه ، وإن يصبر فهو خير له .
وقد أخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من دعا على من ظلمه فقد انتصر ) {[563]} ، وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المتسابان ما قالاه فعلى البادي منهما ما لم يعتد المظلوم ) {[564]} .
قال الحسن : هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع ولكن ليقل اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي ، اللهم حل بيني وبين ما يريد ونحوه من الدعاء .
وقيل نزلت في الضيف إذا نزل بقوم فلم يقروه فله أن يشكو ما صنع به ، وبه قال مجاهد والأول أولى{[565]} .
وقال مقاتل : نزلت في أبي بكر الصديق وذلك أن رجلا نال منه والنبي حاضر فسكت عنه أبو بكر مرارا ثم رد عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : يا رسول الله شتمني فلم تقل له شيئا حتى إذا رددت عليه قمت ، قال : إن ملكا كان يجيب عنك فلما رددت عليه ذهب الملك وجاء الشيطان فقمت{[566]} ونزلت الآية .
{ وكان الله سميعا عليما } هذا تحذير للظالم بأن الله يسمع ما يصدر منه ويعلم به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.