فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَٰقَوۡمِ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ يَوۡمَ ٱلتَّنَادِ} (32)

ثم زاد الرجل المؤمن في الوعظ والتذكير فقال :{ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ } قرأ الجمهور بتخفيف الدال وحذف الياء ، والأصل التنادي ، وهو التفاعل من النداء ، يقال تنادي القوم أي نادى بعضهم بعضا وقرئ بإثبات الياء على الأصل وقرأ ابن عباس والضحاك وعكرمة بتشديد الدال ، قال بعض أهل اللغة : هو لحن لأنه من ند يند إذا مر على وجهه هاربا ، قال النحاس : وهذا غلط والقراءة حسنة على معنى التنافي قال الضحاك : في معناه أنهم إذا سمعوا بزفير جهنم ندوا هربا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا صفوفا من الملائكة ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قوله يوم التناد وعلى قراءة الجمهور المعنى يوم ينادي بعضهم بعضا ، أو ينادي أهل النار أهل الجنة ، وأهل الجنة أهل النار أو يوم ينادي فيه { كل أناس بإمامهم } ولا مانع من الحمل على جميع هذه المعاني ، وهو ما حكى الله تعالى في سورة الأعراف :

{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ } ، { وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ } { وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ } وقيل : ينادي مناد ألا إن فلانا سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، وألا إن فلانا شقي شقاوة فلا يسعد بعدها أبدا ، وينادي حين يذبح الموت يا أهل الجنة خلود بلا موت ، ويا أهل النار خلود بلا موت . وقيل ينادي المؤمن { هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } وينادي الكافر : { يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } .