فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لِيَفۡتَدُواْ بِهِۦ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنۡهُمۡۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (36)

{ إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذب أليم ( 36 ) }

{ إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض } كلام مبتدأ مسوق لزجر الكفار وترغيب المسلمين في امتثال أوامر الله سبحانه أي لو أن لهم ما في الأرض من أصناف أموالها وذخائرها ومنافعها قاطبة ، وقيل المراد لكل واحد منهم ليكون أشد تهويلا وإن كان الظاهر من ضمير الجمع خلاف ذلك { جميعا } تأكيد { ومثله معه } أي أن الكافر لو ملك الدنيا ودنيا أخرى مثلها معها .

{ ليفتدوا به } أي ليجعلوا كلا منهما فدية لأنفسهم من العذاب ، وأفرد الضمير لكونه راجعا إلى المذكور أو لكونه بمنزلة اسم إشارة أي ليفتدوا بذلك { من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم } ذلك الفداء { ولهم عذاب أليم } أي لا من سبيل ولا لهم الخلاص منه بوجه من الوجوه .

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذابا لو كانت لك الدنيا كلها مفتديا بها : فيقول : نعم ، فيقول : قد أردت منك أيسر من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي ولا أدخلك النار وأدخلك الجنة فأبيت إلى الشرك ) ، هذا لفظ مسلم{[630]} .

وفي رواية البخاري : يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : ( أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا كنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : لقد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك أن لا تشرك بي ) {[631]} .


[630]:مسلم2805.
[631]:البخاري1574.