فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (39)

{ فمن تاب من بعد ظلمه } السياق يفيد أن المراد بالظلم هنا السرقة أي فمن تاب من بعد سرقته { وأصلح } أمره ولكن اللفظ عام فيشمل السارق وغيره من المذنبين ، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب { فإن الله يتوب عليه } أي يغفر له ويتجاوز عنه ويقبل توبته { إن الله غفور } لمن تاب { رحيم } يرحمه .

وقد استدل بهذا عطاء وجماعة على أن القطع يسقط بالتوبة ، وليس هذا الاستدلال بصحيح لأن الجملة الشرطية لا تفيد إلا مجرد قبول التوبة وليس فيها ما يفيد أنه لا قطع على التائب ، وقد كان في زمن النبوة يأتي إلى الني صلى الله عليه وسلم من وجب عليه حد تائبا عن الذنب الذي ارتكبه طالبا لتطهيره بالحد فيحده النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للسارق بعد قطعه ( تب إلى الله ) ثم قال : تاب الله عليك{[633]} أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة .

وأخرج أحمد وغيره أن هذه الآية نزلت في المرأة التي كانت تسرق المتاع لما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد قطعها : هل لي توبة ؟ وقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على أن الحدود إذا رفعت إلى الأئمة وجبت وامتنع إسقاطها وإن عفا عنه قبل الرفع إلى الإمام سقط القطع ، وعليه الشافعي .


[633]:الدارقطني عن أبي هريرة.