فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ كِتَٰبٗا فِي قِرۡطَاسٖ فَلَمَسُوهُ بِأَيۡدِيهِمۡ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

{ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون 8 ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون 9 } .

{ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس } في هذه الجملة شدة صلابتهم في الكفر ، وأنهم لا يؤمنون ولو أنزل الله على رسوله كتابا مكتوبا في قرطاس أي رق أو ورق بمرأى منهم ومشاهدة ، قيل هما تفسير بالأخص .

والقرطاس في اللغة أعم منهما وهو ما يكتب فيه وكسر القاف أشهر من ضمها والقرطاس وزن جعفر لغة فيه ، وفي القاموس مثلث القاف وكجعفر ودرهم : الكاغد ، والكاغد بالدال المهملة وربما قيل بالمعجمة وهو معرب .

وفي القاموس الكاغد القرطاس ، وفي السمين هو الصحيفة يكتب فيها يكون من ورق وكاغد وغيرهما ولا يقال قرطاس إلا إذا كان مكتوبا وإلا فهو طرس وكاغذ{[678]} .

{ فلمسوه بأيديهم } حتى يجتمع لهم إدراك الحاستين حاسة البصر وحاسة اللمس ، فهو أبلغ من عاينوه لأنه أنفى للشك لأن السحر يجري على المرئي لا على الملموس ، ولأن الغالب أن اللمس بعد المعاينة .

{ لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } أي لقال الكفار هذا هو السحر ، ولم يعلموا بما شاهدوا ولمسوا ، وإذا كان هذا حالهم في المرئي المحسوس فكيف فيما هو مجرد وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة ملك لا يرونه ولا يحسونه ، وفيه إظهار في مقام الإضمار .


[678]:اختصر المؤلف رحمه كلام ابن قتيبة، وإليك نصه بتمامه من (غريب القرآن) 150: {ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس} أي: صحيفة، وكذلك قوله: {تجعلونه قراطيس} أي: صحفا. قال المرار. عفت المنازل غير مثل الأنقس بعد الزمان عرفته بالقرطاس فوقفت تعترف الصحيفة بعدما عمس الكتاب وقد يرى لم يعمس والأنقس: جمع نقس، مثل قدح وأقدح وأقداح. أراد غير مثل النقس عرفته بالقرطاس، ثم قال: (فوقفت تعترف الصحيفة) فأعلمك أن القرطاس هو الصحيفة، ومنه يقال للرامي إذا أصاب: قرطس، إنما أصاب الصحيفة.