قال الكلبي{[13265]} ومقاتل : نزلت هذه الآية في النَّضْرِ بن الحَرْثِ{[13266]} ، وعبد الله بن أبي أميَّةَ ، ونوفل بن خُوَيْلدٍ قالوا : يا محمد لَنْ نُؤمِنَ لَكَ حَتَّى تأتينا بكتاب من عندِ اللَّهِ ، ومعه أربعةٌ من الملائكة يَشْهدُونَ معه أنَّهُ من عند الله ، وأنَّك رسوله ، فأنزل الله تعالى : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ } مكتوباً من عنده " فَلَمَسُوه بأيديهم " أي : عَايَنُوهُ ومَسُّوهُ بأيديهم ، وذكر اللَّمْسَ ولم يذكر المُعَايَنَةَ ، لأن اللَّمْسَ أبْلَغُ في إيقاع العِلْمِ من الرؤية ، ولأنّ السِّحْر يجري على المرئي ، ولا يجري على الملموس{[13267]} .
قوله : " فِي قِرْطَاسٍ " يجوز أن يتعلَّق بمحذوف على أنه صِفَةٌ ل " كتاب " ، سواء أريد ب " كتاب " المصدرُ ، أم الشَّيء المكتوب ، ويجوز أن يتعلق بنفس " كتاباً " ، سواء أريد به المصدر ، أم الشيء المكتوب ، ومن مجيء الكتاب بمعنى مكتوب قوله : [ الطويل ]
. . . . . . . . . . . . . . . . صَحِيفَةً *** أَتَتْكَ مِنَ الحَجَّاجِ يُتْلَى كِتَابُهَا{[13268]}
ومن النَّاس من جعل " كتاباً " في الآية الكريمة مَصْدَراً ؛ لأن نَفْسَ الكُتُبِ لا تُوصَفُ بالإنزال إلاَّ بتجوُّزٍ بعيدٍ ، ولكنهم قد قالوا هنا ويجوز أن يتعلَّق " في قِرْطَاسٍ " ب " نَزَّلْنا " .
والقِرْطاس : الصَّحِيفة يُكتبُ فيها تكُون من رقٍّ وكَاغِدٍ{[13269]} ، بكسر القاف وضمها ، والفصيح الكسر ، وقرئ{[13270]} بالضَّم شاذّاً نَقَلَهُ أبو البقاء{[13271]} - رحمه الله تعالى- .
والقِرْطَاسُ : اسم أعْجِمِيُّ مُعَرَّبٌ ، ولا يقال : قِرْطَاس إلاَّ إذا كان مكتوباً ، وإلاَّ فهو طِرْسٌ{[13272]} وكَاغِدٌ ، وقال زهير : [ البسيط ]
لَهَا أخَادِيدُ مِنْ آثَارِ سَاكِنِها *** كَمَا تَردَّدَ فِي قِرْطَاسِهِ القَلَم{[13273]}
قوله : " فَلَمَسُوهُ " الضمير المنصوب يجوز أن يَعُودَ على " القِرْطاس " ، وأن يعود على " كتاب " بمعنى مَكْتُوب .
و " بأيديهم " متعلِّق ب " لَمَسَ " .
و " الباء " للاستعانة كعملت بالقَدُّوم . و " لَقَال " جواب " لو " جاء على الأفصح من اقتران جوابها المُثْبَتِ باللام .
قوله : " إنْ هذا " [ و ]{[13274]} " إنْ " نافية ، و " هذا " مُبْتَدَأ ، و " إلاَّ سحرٌ " خبره ، فهو استثناء مُفَرَّغٌ ، والجُمْلَة المَنْفِيَّةُ في مَحَلِّ نصب بالقولِ ، وأوقع الظَّاهرَ مَوْقَعَ المضمر في قوله : " لَقَالَ الذين كَفَرُوا " شَهادَةً عليهم بالكُفْرِ ، والجملة الامتنَاعِيَّةُ لا مَحَلَّ لها من الإعراب لاستئنافها .
ومعنى الآية الكريمة : أنَّهُ لا يَنْفَعُ معهم شيءٌ لما سبق فيهم من علمي ، واللَّهُ أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.