فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

{ قال فبما أغويتني } الجملة مستأنفة والباء للسببية ، وبه قال الزمخشري ، وقيل قسمية وهو الظاهر كقوله { فبعزتك لأغوينهم أجمعين } أي فبإغوائك إياي ، والإغواء الإيقاع في الغي ، وقيل الباء بمعنى مع والمعنى فمع إغوائك إياي وقيل { ما } في فبما أغويتني للاستفهام والمعنى فبأي شيء أغويتني والأول أولى .

ومراده بهذا الإغواء الذي جعله سببا لما سيفعله مع العباد وهو ترك السجود منه وأن ذلك كان بإغواء الله له حتى اختار الضلالة على الهدى ، وقيل أراد به اللعنة التي لعنه الله بها أي فيما لعنتني فأهلكتني ومنه { فسوف يلقون غيا } أي هلاكا .

وقال ابن الأعرابي : يقال غوى الرجل يغوي غيا إذا فسد عليه أمره أو فسد هو في نفسه ومنه عصى آدم ربه فغوى أي فسد عيشه في الجنة ، وغرض اللعين بهذا أخذ ثأره منهم لأنه لما طرد ومقت بسببهم على ما تقدم أحب أن ينتقم منهم أخذا بالثأر .

{ لأقعدن لهم } أي لأجهدن في إغوائهم حتى يفسدوا بسببي كما فسدت بسبب تركي للسجود لأبيهم { صراطك المستقيم } هو الطريق الموصل إلى الجنة ، وقال ابن عباس : طريق مكة يعني أمنعهم من الهجرة ، وعن ابن عباس مثله ، وقيل هو طريق الإسلام ، وقيل المراد الحج والأول أولى لأنه يعم الجميع والمعنى لأردن بني آدم عن عبادتك وطاعتك ولأغوينهم ولأضلنهم .