فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا مَّدۡحُورٗاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (18)

{ قال اخرج منها } أي من السماء أو من الجنة أو من بين الملائكة كما تقدم وقال له ذلك حين طرده عن بابه وأبعده عن جنابه { مذءوما } من ذأمه يذأمه إذا ذمه وعابه ومقته وقيل المذءوم المنفي والذام العيب بهمز ولا يهمز ، وحكى ابن الأنباري فيه ذيما ، وقال الليث الذام الاحتقار ، وقيل الذم قاله ابن قتيبة { مدحورا } أي مطرودا والدحر الطرد والإبعاد يقال دحره يدحره دحرا ودحورا ومنه [ ويقذفون من كل جانب دحورا ] وقال ابن عباس : صغيرا ممقوتا ، وقال قتادة : لعينا مقيتا ، وقال الكلبي : ملوما مقصيا من الجنة ومن كل خير والمعاني متقاربة .

{ لمن } بفتح اللام على أنها لام القسم وتسمى هذه اللام موطئة لأنها وطأت الجواب للقسم المحذوف أي مهدته له ، وتسمى أيضا المؤذنة لأنها تؤذن بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها لا على الشرط { تبعك منهم } أي من بني آدم وجواب القسم { لأملأن جهنم } وقيل اللام الأولى للتأكيد والابتداء وهذه لام القسم والأول أولى ، أي منك ومنهم ، وفيه تغليب الحاضر وهو إبليس على الغائب وهو الناس .