فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ} (35)

{ يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم } أي أن النار توقد عليها وهي ذات حمى وحر شديد ، ولو قال : يوم تحمى أي الكنوز لم يعط هذا المعنى ، فجعل الإحماء للنار مبالغة ، ويحمى يجوز أن يكون من حميت وأحميت ثلاثيا ورباعيا ، يقال حميت الحديدة وأحميتها أي أوقدت عليها لتحمى ، والتقدير يوم تحمى النار عليها وخص الجباه والجنوب والظهور لأن التألم بكيها أشد لما في داخلها من الأعضاء الشريفة .

وقيل ليكون الكي في الجهات الأربع من قدام وخلف وعن يمين ويسار ، وقيل لأن الجمال في الوجه والقوة في الظهر والجنبين والإنسان إنما يطلب المال للجمال والقوة ، وقيل غير ذلك مما لا يخلو عن تكلف .

{ هذا ما كنزتم لأنفسكم } أي كنزتموه لتنتفعوا به فهذا نفعه ، ويقال لهم ذلك على طريق التهكم والتوبيخ { فذوقوا ما كنتم تكنزون } أي ذوقوا وباله وسوء عاقبته وقبح مغبته وشؤم فائدته ، لأن الكنوز لا تذاق ، وما بمعنى الذي ، والآية عامة ، وفي الباب أحاديث صحيحة توافق معنى هذه الآية لا نطول بذكرها .