النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا} (98)

قوله عز وجل : { قَالَ هَذا رَحْمَةٌ مِن رَّبِّي } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن عمله رحمة من الله تعالى لعباده .

الثاني : أن قدرته على عمله رحمة من الله تعالى له .

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ } قال ابن مسعود : وذلك يكون بعد قتل عيسى عليه السلام الدجال في حديث مرفوع . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّهُم يَدْأَبُونَ فِي حَفْرِهِم نَهَارُهُم حَتَّى إِذَا أَمْسَوْا وَكَادُواْ يُبْصِرُونَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالُوا نَرْجِعُ غَداً فَنَحْفُرُ بَقِيَّتَهُ ، فَيَعُودُونَ مِنَ الغَدِ وَقَدِ اسْتَوَى كَمَا كَانَ ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قَالُواْ : غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَنْقُبُ بَقيَّتَهُ ، فَيَرْجِعُونَ إِلَيهِ فَيَنْقُبُونَهُ فِإِذِنِ اللَّهِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنهُ عَلَى النَّاسِ مِن حُصُونِهِم ، ثُمَّ يَرْمُونَ نبلاً إِلَى السَّمَاءِ فِيَرْجِعُ إِلَيهِم فِيهَا أَمْثَالُ الدِّمَاءِ ، فَيَقُولُونَ قَدْ ظَفَرْنَا عَلَى أَهْلِ ألأَرْضِ وَقَهَرْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ تَعالَى عَلَيهِم ما يَهْلِكُهُم " .

{ فَإِذَا جاء وَعْدُ رَبِّي } فيه قولان :

أحدهما : يوم القيامة ، قاله ابن بحر .

الثاني : هو الأجل الذي يخرجون فيه .

{ جَعَلَهُ دَكَّاءَ } يعني السد ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أرضاً ، قاله قطرب .

الثاني : قطعاً ، قاله الكلبي .

الثالث : هدماً حتى اندك بالأرض فاستوى معها ، قاله الأخفش ، ومنه قول الأغلب :

هل غير غادٍ غاراً فانهدم .